عروبة المنيف
تداولت وسائل التواصل الاجتماعي منذ أيام مقاطع فيديو مأخوذة من «حفل تخرج» إحدى كواكب الوطن التعليمية المشعة في سماء المملكة «جامعة الفيصل». لقد كانت جميع التعليقات المصاحبة للمقاطع تصب في مدى فرحة الآباء ببناتهم والأمهات بأبنائهن يوم تخرجهم وقد ذيلت تلك المقاطع بعبارات التقدير والشكر للجامعة في إتاحها هذا الشرف لأولياء الأمور بحضورهم حفل تخرج أبنائهم وبناتهم جميعاً وفي نفس المحفل.
طبعاً، من الطبيعي أن يحضر أولياء الأمور حفل تخرج أبنائهم وبشكل مختلط وفي جميع أنحاء العالم فلا عجب في ذلك، ولكن نعود لشماعة الخصوصية خاصتنا!.
لا أجد في الوقت الحالي أي مانع من أن تحذو الجامعات السعودية الأخرى حذو «جامعة الفيصل»، ما الذي يضير من أن يفرح الأب بتخرج ابنته والأم بتخرج ابنها؟ وهل حضور الأب والأم معاً لحفل تخرج أولادهم يعتبر إيذاناً بالفساد والرذيلة والعياذ بالله لنحرمهم من تلك الفرحة التي لا تتكرر سوى مرة واحدة في العمر!؟
سيقول قائل، إن المجتمع لا يريد ذلك! من قال هذا؟ ومن أين استقينا الأرقام والإحصائيات المتعلقة برفض المجتمع؟، ولنفترض جزافاً أن هناك شريحة لا يستهان بها لا تريد، وهي رافضة لتوجهات فكرية عديدة وتعتبرها خروجاً عن الدين ومن ضمنها على سبيل المثال رفضهم اختلاط أولياء الأمور مع أبنائهم وبناتهم في حفل تخرجهم!، السؤال هنا، هل من المنطق أن نحرم الفئة التي لا تمانع بذلك من أجل الفئة الممانعة؟ وهل تزر وازرة وزر أخرى؟
لا أريد التحدث عن الاختلاط لأنه أصبح كمن يلوك تراباً في فمه فلا يستطيع بلعه وليس لديه الماء ليتمضمض ويلفظه، لقد أتخمنا في الحديث عنه بدون طائل، والجميع يعلم أن البلد بأكملها لا يمكنها التعايش والنهوض بدون اختلاط، فهو بديهي وتفرضه الطبيعة البشرية وغير البشرية. فالنساء أصبحن الآن يعملن ويختلطن في كل مكان، الأسواق، المستشفيات، المتاجر، المصانع....وغيرها.
الإشكالية أن فرحات تقتل في مهدها، وسعادة توأد قبل أن تخرج للنور، وبهجة تنطفئ قبل اشتعالها بحجة تطبيق توجهات فكرية مقيدة أحادية النظرة، من ضمنها الاختلاط!. لماذا؟ لأن هناك فئة في المجتمع تريد ذلك! من يريد ذلك؟! حسناً، لماذا يريدون ذلك؟ تأتيك إجابات عقيمة ما أنزل الله بها من سلطان، وقد أصبحت في عصر الفضاء المفتوح كالمفرقعات التي تملأ الجو ضجيجاً ومن ثم تخمد لتترك بعد ذلك صدى في الآذان والعقول لا يهدأ لنعود ونسأل من جديد، لماذا لا يريدون الفرحة؟ لماذا يمنعون البهجة؟ لماذا يقمعون السعادة؟.
لنأخذها من الآخر، نحن أكثر شعوب الأرض في حاجة إلى وزارة»للسعادة»، ودعونا نحلم أكثر لعلها تصبح حقيقة، تلك الوزارة يفترض أن تترأسها امرأة شابة واعية متنورة، فنحن لم نذهب بعيداً فقد سبقتنا في ذلك جارة شقيقة. يتوجب على تلك الوزارة أن تبادر مع فريق شبابي متنور في إعادة النظر في الممارسات القائمة وفي تغييرها بواسطة أساليب عصرية لا تتجاوز المعايير الإجتماعية والدينية الوسطية بحيث تتجاوز التوجهات الفكرية المتحجرة؛ فالعصر يجري ونحن نحبو، وخفافيش الظلام يروق لها التقهقر والبقاء في العتمة، ولكن النور الإلهي لا يحجب بعباءة ولا بتفاسير مضللة ومحابية للنصوص المقدسة، إن النور الإلهي آت وسيتغلغل بعدالة وفي قلوب الجميع ذكوراً وإناثاً، إنه نور عادل لا يحابي أحداً شاء المضللون أم أبوا!!.