غسان محمد علوان
انتهى موسم الهلال محليًّا ببطولتي كأس وعدد لا يحصى من زفرات الضيق والحسرة. موسم كان بالإمكان أن يكون أزرق خالصًا لولا تقدير الله أولاً، ثم تلك الأمية التدريبية التي مارسها ذلك اليوناني المتعجرف بالمشاركة مع بعض من كبرت رؤوسهم على قميص الهلال؛ فاختنقوا به، وخنقوا أحلام جمهورهم معهم بمباركة إدارية صامتة (غريبة)، وتصفيق حاد من المفلس دونيس الذي كان أسوأ من أن يقوّم اعوجاجهم، وأجبن من أن يستغني عنهم في تشكيلة الفريق واستبدالهم بمن هم أقل نجومية وأكثر حماسة ورغبة واحترامًا للجماهير.
خسر الهلال بطاقة التأهل لنهائي كأس الملك، بعد أن خسر قبلها بأيام قليلة لقبه الدوري الخامس على التوالي، ففاجأ رئيسه الأمير نواف بن سعد الجميع بإعلان استقالته نهاية الموسم رغم تبقي ثلاثة أرباع فترته الرئاسية. ذلك الإعلان الصادم في توقيته حرك المياه الراكدة في البيت الأزرق، وأفاقت رجالاته الكبار من غيبوبة طال أمدها، واكتفوا خلالها بالجلوس جنبًا إلى جنب مع مشجعي النادي بلا تفاعل حقيقي. فإن فرح المشجع شاركوه الفرح، وإن غضب هزوا رؤوسهم متأففين من وضع سيئ بلا أي ردة فعل.
قد تكون تلك الاستقالة حنكة إدارية من نواف بن سعد أكثر من كونها قرارًا واقعًا، والأغلب أنها لن تنفذ متى اختفت مسبباتها. القريبون من النادي، وقبل سنة من الآن (تقريبًا)، مرروا معلومة مفادها أن قبول الأمير نواف بن سعد مهمة رئاسة الهلال كانت مشروطة بدعم مالي كبير لسد ديون النادي، وتسيير أموره ولو لفترة من الزمن؛ كي يقف على قدميه مجددًا، ويحاول الاعتماد على نفسه ماليًّا إلى حد كبير. تلك المعلومة التي تم تمريرها كانت أيضًا مرتبطة بفترة تجريبية للأطراف كافة، مقدارها موسم واحد، يظهر من خلاله مدى التزام المجتمعين في ليلة التنصيب تلك، وقدرة الإدارة الحالية على تحقيق الطموحات المختلفة بطولاتيًّا وتنظيميًّا وماليًّا على حد سواء، وذلك ما لم يتحقق؛ فتم الإعلان الصادم.
عودة الحراك الشرفي الأزرق هو أجمل ما يمكن أن يحلم به كل عشاق الزعيم؛ فهو أثبت مرارًا وتكرارًا بعد توفيق الله أن نتائجه يقطفها الهلال في الموسم الذي يليه مباشرة بلا تأخير أو تأجيل. عودة ذلك المجلس الشرفي المهيب، الذي لا يظهر منه سوى نتائجه الإيجابية، وتختفي معه كل المشاكل من على صفحات الجرائد والقنوات الإعلامية، هو سر زعامة الهلال الحقيقية، مشروطًا أولاً وأخيرًا بالالتزام بكل الوعود المادية والمعنوية التي من شأن الإخلال بها عودة الهلال للمربع الأول مجددًا.
هو موسم للنسيان للهلاليين جميعًا، ليس تكبرًا على البطولتين اللتين حققهما، أو كفرًا بنعمة ما تحقق خلاله، ولكن لأنه الهلال الذي لا يشابهه سوى الطالب المتفوق الذي لا يطالَب فقط بالنجاح في كل مواده الدراسية، بل هو مطالَب دومًا بتحقيق أعلى الدرجات والتفوق في كل اختبار يواجهه. فماذا سيبقى إذًا لذلك الطالب القابع في مؤخرة الصف متحينًا الفرصة لخطف درجة من هنا، أو إجابة من هناك؛ ليضمن عدم الرسوب والبقاء ضمن مجموعته؟
صحيح أن الاختبارات متطابقة، لكن التطلعات مختلفة كاختلاف بلادة أحدهم وتفوق الآخر.
الموسم الهلالي القادم هو نقطة تحول جديدة في مسيرة (زعيم)، فإما أن يجدد عاداته المبهرة التي نصبته دومًا على قمة المجد الكروي، أو يتنكر لها فيخسر بذلك أهم مكوناته التنافسية. إن غدًا لناظره قريب.
خاتمة...
على أن لي عزمًا إذا رمت مطلبًا
رأيت السما أدنى إلي من الأرض
(صفي الدين الحلي)