هدى بنت فهد المعجل
تُسهم بعض الكتب في شحذ تفكيرنا وتنشيطه أو لفت نظرنا لأفكار ورؤى لا علم لنا بها، ذلك لأن الإنسان مهما أوتي من علم ومعرفة يبقى على جوع معرفي ممتد.
قطرة الماء الساقطة في البحر مثلها مثل مقدار العلم الذي بحوزتنا قياساً على العلم الذي لم نتحصّل عليه بعد، ولا يشترط تحصّلنا عليه كله. فالقطرة العلم الذي بحوزتنا، والبحر العلم الذي لم يتحقق لنا معرفته بعد. ومن يسهم في إمدادنا بالمعرفة هي الكتب والحياة والناس بما نمر به من تجارب فيها. لعل أهم معرفة يهمنا اكتسابها طرائق التفكير وأساليبه وكيفيته، كالتفكير الإيجابي مثلاً أو التفكير خارج الصندوق. إذا ما أيقنا أن الأفكار الهدّامة تقض مضجع التفكير وتجعل تفكيرنا تفكيراً سلبياً أعرجَ مشوّهاً خديجاً. قلت الأفكار الهدّامة وأعني بها 4 أفكار سيئة بليدة تبلّد الذهن وتعيق التفكير ألا وهي : 1- الشعور بالذنب، 2- الحقد، 3- الحسد، 4- الغضب.
نكون بخير متى ما استبدلناها بما يقابلها من أفكار إيجابية بناءة مكتملة الأعضاء، أو روّضنا النفس على عدم إكمال الأفكار السلبية حتى نهايتها.
لا ننفي أن الشخصية شيء ننولد به وهو عرضة للمؤثرات الخارجية التي قد تتولى شحننا بالأفكار السلبية. لكن لا نجعل من هذا الشيء علة لتبرير ما يحدث منا ويحدث لنا من تغيرات غير محببة ولا مرغوبة، على الأقل من أجل بناء شخصية قادرة على التعامل مع الحياة ومواجهتها لأجل التعامل معها بحكمة وروية. التفكير الإيجابي أو الأفكار السارة والبناءة تحقق للجسم طاقة الاسترخاء والتهيئة للذي يلي ويتبع، ولأبواب مفتوحة تنتظرك وإن واجهت في حياتك باباً مغلقاً في وجهك. انغلاق هذا الباب لم يلغ ولا يلغي وجودة عدة أبواب مفتوحة، تنتظرك. بشرط أنك عند الدخول للمكان انظر إلى الباب ولا تنظر إلى الجدار.
الباب يهيئ لك الدخول والخروج، يعطيك فرص المراجعة والتراجع، بينما الجدار حاجز يحجز مَن هم خلفهم ويمنع مَن هو أمامه مهما كانت مساحة المكان خلف هذا الجدار؛ فزنزانة السجين مهما اتسعت يبقى سجيناً.
الأبواب مرنة تشبه الفكر الإيجابي والتفكير الإيجابي في مرونته بينما الجدار تصلّب وتحجّر مثله مثل الفكر السلبي والتفكير السلبي. المرونة تحقق لك المراوحة بين الشيء وضده. الشيء وعكسه الشيء وبديله. السجن تقييد حركة، بينما الخارج حرية مثلها مثل الجدار والباب. من ينوي دخول مكان لم يسبق له دخوله إذا كان تفكيره إيجابياً يتأكد من إمكانية الخروج إذا أراد قبل أن يدخل إلى المكان. ويتأكد من أن الخروج مفتوح أو مقيد بزمن ومحصور بمدة. الأمكنة المقيدة بزمن دخول وخروج لا نأتيها أو نبقى فيها إتيان الأمكنة غير المقيدة، ولا نبقى فيها مدة بقائنا في الأمكنة مفتوحة المدة. من ذلك المسائل والمشاكل. كيف؟. بعض المسائل والمشاكل ينفع معها تخزينها في العقل ثم نتوقف عن التفكير بها، سنجد أن الحل سيظهر بعد فترة تلقائياً. كيف ذلك؟ يقول خبراء التنمية البشرية إن عقلنا الباطن يعمل لأجلنا طوال الوقت، حتى أثناء نومنا. بحيث قد نتلقى الحلول وقتها في نومنا. بالتالي نعقّد المسألة والمشكلة إذا استمررنا نفكر بها طوال اليوم في النهار والليل. كما لو أننا حجزناها في مكان محاط من جهاته الأربع بجدار بدون باب أو أبواب يمنحها فرصة الخروج والتنفس والتنقل ثم العودة للمكان مجدداً. سجن المسألة أو المشكلة في مكان محاط بأربعة جدر يجعلنا عندما لا نجد حلاً لها نتوهم أن الحل غير موجود. تفكيرنا السلبي أوهمنا بهذا الشيء، حيث إنه لكل مشكلة حل متجه في طريقه لنا، تأخر وصول الحل دافعه بعد المسافات أو إبعادنا لها بسبب استبعادنا لفكرة وجود حل.