د.علي القرني
أعادت (رؤية المملكة العربية السعودية 2030) المسار الصحيح للجامعات السعودية، وستفرض الرؤية أحد أهدافها التعليمية أن تدخل خمس جامعات سعودية على الأقل ضمن أفضل 200 جامعة عالمية، وهذا الهدف سيضع الجامعات مرة أخرى على المسار الدولي لتطوير التعليم العالي في المملكة. وربما من الآن نتوقع بوصول أربع جامعات سعودية إلى قائمة قريبة من ذلك، وهي جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبد العزيز وجامعة الملك فهد وجامعة الملك عبد الله، ولكن الرؤية ستخلق تنافساً كبيراً بين الجامعات الأخرى لتكون إحداها على الأقل هي الجامعة الخامسة، وهذا التنافس سيقرب العديد من الجامعات إلى مصاف العالمية.
وهذه الرؤية الإستراتيجية للدولة انطلقت من مبادئ عديدة، بعضها معلن والبعض كامن داخل سطور الرؤية، بعضها استحدث أهدافاً، وبعضها أعاد بث روح جديدة في أهداف متجددة. ولا شك أن موضوع تنافس الجامعات السعودية ضمن الجامعات العالمية كأحد أهداف الرؤية هو إعادة بث لروح نجاح سابقة كانت قد حركت ركود التعليم العالي فيما مضى، ولكنها كانت على وشك أن يتم وأدها. وقد جددت رؤية المملكة الإستراتيجية للتعليم العالي روح البرامج التطويرية التي كانت تخلق التنافس وتحيي روح المبادرات النوعية في بعض الجامعات والتي بسببها دخلت بعض جامعاتنا تراتبية دولية غير مسبوقة في التصنيفات العالمية.
ومن هذه المبادرات النوعية التي عملت عليها بعض الجامعات وبخاصة جامعة الملك سعود «أوقاف الجامعة»، حيث مثلت ريادة غير مسبوقة في الجامعات العربية والإسلامية في بناء أوقاف للجامعة لتوفر مداخيل مستمرة لها تدعم أهداف الجامعة في البحث والابتكار والتدريس وخدمة المجتمع. وعلى الرغم من حماس وتفاؤل ساير حراك الأوقاف في الجامعات، إلا أن مشروعات أوقاف الجامعات تعثر كثيراً في الانتهاء والبعض توقف نهائياً. وأرى شخصياً أن تدعم (رؤية المملكة 2030) مثل هذه المبادرات النوعية، وتطلب من الجامعات بلا استثناء سرعة العمل على هذه الجبهة المالية التي تدعم روح الرؤية الإستراتيجية في توفير مخصصات مالية إضافية للجامعات.
وفي نظري الشخصي أن الرؤية التي ستضع المملكة على أعتاب بيئات تنافسية عالمية قد نجحت تماماً للوصول إلى أهداف حقيقية للتعليم العالي من خلال مؤشرات عالمية عبر أهم هذه المؤشرات وهي التصنيفات العالمية. وهذا من شأنه أن يبعث من جديد روح التطوير والمبادرات في الجامعات السعودية. وهذا ما كنا نأمله أن يحدث خلال السنوات الماضية، ولكنه تعثر بسبب سوء فهم بعض التوجهات التي أربكت مسار التطوير في الجامعات، وأوقفت الكثير من البرامج التطويرية أو قلصتها.
مهندس الرؤية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز أعطانا الكثير في هذه الرؤية وأجاد في شموليتها، وأبدع في برامجها التنفيذية التي ستخدم تطبيق هذه الرؤية. كما أن الدعم الهائل لهذه الرؤية شعبياً ونخبوياً محلياً وعالمياً سيعطي الزخم الكبير لرؤية المملكة والمساندة اللوجستية لبرامجها وخططها وأهدافها. وأقترح وربما هذا ما هو بالذهن أن يصدر ملحق للرؤية بعد ثلاثة أو ستة أشهر يضاف للرؤية ويكون إضافات نوعية أفرزتها أقلام وتصريحات ومقالات وأفكار ونقاشات حول هذه الرؤية. ويُشكّل هذا الملحق إضافة جديدة من الرؤى والبرامج والخطط التي ستضيف بُعداً نوعياً للرؤية الإستراتيجية للدولة. ولا شك أن عرض الرؤية أمام الرأي العام المحلي والدولي أفرز أفكاراً إضافية وتقييماً موضوعياً لهذه الرؤية، فقراءة هذه التفاعلات الإيجابية واستيعاب المفيد والإيجابي منها، وبالتالي إدراجها في ملحق للرؤية سيضيف نوعياً لهذه الرؤية.
وعلى الصعيد التنفيذي للرؤية سيكون من المفيد أن تتشكَّل فرق عمل لعناصر الرؤية مثلاً الاقتصاد، التعليم العام، التعليم العالي، الأسرة، الحكومة الإلكترونية، الإعلام، السياحة والترفيه، الثقافة، المرأة، الصناعة، التجارة، الصحة، مؤسسات المجتمع المدني.. وغير ذلك. وتعمل هذه الفرق على وضع الخطط التنفيذية للرؤية وفق جداول زمنية محددة.