د. خيرية السقاف
في الصباح وأنت تبدأ يومك تكون قد أفرغت ذهنك من أتربة الأمس,
تكون تأمل في الإشراق, فتسعى بالإحراق, وأنت تهفو بالأشواق لسماع ما يسرك,
وفعل ما يزيدك, وشراكة من يشدك, وإقامة ما انقضّ, وجمع من انفضَّ,
وإتمام ما نقص, ورتق ما انشقَّ, واجتياز عثرة, وتجاوز هفوة, وإسعاد بعد إيلام,
وعفو عمن يُلام, وستر مكشوف, وغوث ملهوف,
والمسرة بنجاح, والإضافة لكفاح..
فإذا بك تجد الساقية تلف بدواليب الأمس!!
الحروب قائمة, بكل أنواعها, الظاهرة والباطنة, ذات السلاح والعتاد,
وذات الخطط, والنيات والعباد, وإذا بالمفاسد تطفو,..
فمن يغدر بطفل في منطقة نائية فيجز عنقه, ومن يسطو على متجر بسلاحه, ومن يقتل أباه, ومن يسخر من كل أحد, ومن يسهل عليه القول البذيء لأي أحد,
من يسكب قهوة ساخنة على نادل وهو في خدمته, ومن يقتحم حافلة ويهجم ضارباً سائقها,
ومن يكشف عن خوائه, وأدوائه, ومن يخوض مع الخائضين بلا روية,
من همُّه ذاته, ومصلحته عمن سواه, ومن يمشي كالدابة لا يلوي على شيء,
من يجرح الورد, ومن يطعن الجمال, ومن يخدش الطيبة,
من يدعي ما لا يملك, ومن يتظاهر بما ليس فيه,..
فإذا بك تتخذ جانباً تتأمل, وفي ركنك القصي تتزهد, والناس حتى أنت هناك لن يرحموك, وبالعزلة يوسموك, وبما يعن لهم من الآراء يكيلون عنك,..!!
ويأتي المساء, وخيمة من الأسئلة تحتويك, وكثير من الحيرة تعتريك,
لكنك لا تيأس,
فسينطوي الليل بساهرين يشعلون قناديل فكرهم, يلونونه بجميل طيوف ألوانهم,
يلضمون للصباح نسيج بهجة وإن كانت كلمحة,
فتُسدل عليك طمأنينة قد تكون هي ما يقيم أودك في الصبح الذي ينتظرك..!!