رقية الهويريني
لفتت نظري صورة جميلة جمعت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بأحد الطباخين الذي ظهر في قصر اليمامة وهو يرتدي القبعة المميزة لهذه المهنة اللطيفة خلال لقاء جمع الملك مع أصحاب المهن المختلفة من العاملين في القطاع الخاص بحضور وزير العمل الدكتور مفرج الحقباني.
الجميل في الصورة حماس الملك سلمان وتشجيعه الظاهر وهو يتحدث مع رئيس المطبخ بفندق (الفورسيزونز) المواطن السعودي علي اليوسف.
والحق أن الصورة تحمل أبعاداً كثيرة منها إعطاء القيادة قيمة اجتماعية راقية للمهنيين والحرفيين واستقبالهم في الديوان الملكي وتكريمهم. ولو قامت وزارة العمل بإقرار كادر عملي وسلّم وظيفي مميز برواتب مناسبة بهدف استقطاب الشباب وتمكينهم من دخول سوق العمل، وكسر ثقافة تحقير بعض المهن بحيث يضاهي كادر الأطباء والمهندسين والمعلمين؛ لتمكنت من تلبية احتياج الوطن للمهني السعودي مثل حاجته للمهن التي ينظر لها بإكبار!
والمؤسف أن الأجانب والوافدين هم من يسيطرون على المطاعم السعودية بنسبة كبيرة جداً حتى لا تكاد ترى مواطناً سعودياً يعمل طاهياً في مطعم بسبب نظرة المجتمع السلبية لهذه المهنة التي تفتقد التنظيم في المملكة، كما لا تتوفر لدينا المعاهد والكليات التي تدرس المهنة.
ولعل الكثير لاحظ أن ثقافة العيب بدأت بالتلاشي، حيث انتشرت حالياً البرامج التلفزيونية حول الطبخ وإعداد الوجبات والتي يقدمها طباخون أصبحوا في عداد المشهورين كالفنانين والمطربين، وتلقى تلك البرامج رواجاً كبيراً وتفاعلاً شديداً، ومن أشهرهم البريطانيان جيمي أوليفر وجوردان، والشيف العربي المشهور رمزي وكذلك أسامة. وصار هؤلاء وغيرهم يقدمون إعلانات دعائية لبعض المنتجات الغذائية ويحظون بالتقدير الكبير، مما دعا بعض الشباب للتفكير جدياً في تعلم أصول هذه المهنة، لأنها صارت تدر دخلاً جيداً لصاحبها، خاصة مع تبدد وزوال العائق النفسي الذي يمنع الشباب من تقبل الفكرة بسبب (حاجز العيب) ومحاولة تخطيه.
ولكي يكون الشخص طاهياً جيداً فلابد من معرفة أصول هذه المهنة وأبجدياتها ليتدرج فيها ويصبح رئيساً للطهاة مثل الشاب علي اليوسف، وعلى المرء الذي يرغب بممارسة هذه المهنة، أن تكون لديه المهارة والهواية والثقة بالنفس والمثابرة والصبر أمام تعجب المجتمع أو اندهاشه (فرائحة الكعكة الزكية لا تفوح إلا إذا مستها حرارة الفرن، كذلك أحلامنا لن تنضج ما لم تمسها قسوة التجارب!) كما يقول الشيف غسان الحيدري الطباخ السعودي الذي ترك دراسة الهندسة الطبية واتجه إلى عالم الطبخ وصناعة الحلويات ونجح نجاحاً باهراً.