عبدالله العجلان
أمس الأول السبت كان يومًا تاريخيًّا مهمًّا في مسيرة بناء وتنمية الوطن عبر أوامر ملكية كريمة شاملة منسجمة اسمًا ومضمونًا وتوقيتًا مع الرؤية السعودية 2030، ويأتي تركيزها على إعادة هيكلة وتسمية الوزارات والأجهزة الحكومية ليؤكد بالحقائق والأرقام والأفعال أننا أمام نقلة حضارية تنموية جادة ومتحفزة، تتجه بالوطن والمواطن إلى عصر عطاء جديد مختلف في فكره ومتطلباته وطموحاته، ولاحقًا مخرجاته..
رياضيًّا.. جاء الأمر الملكي الكريم بتعديل اسم الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى الهيئة العامة للرياضة مواكبًا ومجسدًا وملبيًا لما هو مفترض أن تكون عليه رياضتنا، ومعها أنديتنا، وهي في طريقها للتخصيص والعمل المؤسسي الأكثر تركيزًا وجودة وإنتاجية في الشأن الرياضي المتداعي بسبب غياب التنظيم، واتساع دائرة اهتمامات وتشتت أدوار الرئاسة. ويزيدنا تفاؤلاً وتطلعًا تجديد الثقة بسمو الأمير عبدالله بن مساعد الذي يملك رؤى إدارية ومالية وتنظيمية وفنية في هذا المجال، تُضاف إلى خبراته ونجاحاته الرياضية..
الأمير عبدالله حدَّد ملامح عمل الهيئة المستقبلية بقوله بعد الأمر الملكي بتعيينه رئيسًا لمجلس إدارتها: «ستشهد الهيئة مرحلة جديدة، تبشر بمستقبل رياضي أفضل، وجهاز رياضي قوي، ومجتمع ممارس للرياضة، ورياضة تنافسية على مستوى مرتفع، ومنشآت عصرية حديثة، وعمل مركز»؛ ما يعني أن الرياضة كممارسة وإدارة وأهداف هي فقط التي ستشكل عمل الهيئة؛ الأمر الذي سينعكس إيجابًا على سائر مكونات الرياضة السعودية أندية ومنتخبات، وفي مختلف الألعاب..
وفَّق الله مليكنا وقادتنا لكل ما فيه خير ونماء وبناء وأمن وارتقاء بلادنا، وحفظها الله، وحفظ شعبها من كل شر وسوء ومكروه..
ما بعد الظاهرة كحيلان!
لم تحظَ استقالة رئيس نادٍ بأصداء واسعة وردود أفعال متباينة بين مؤيد ومعارض لها بمثل ما شهدته استقالة الأمير فيصل بن تركي من رئاسة النصر. وهو في تقديري أمرٌ طبيعي نتيجة لما مثَّله الأمير فيصل من ثقل وتأثير على المشهد النصراوي، ولأنه نقل النصر خلال فترة رئاسته من فريق غائب محبط بعيد عن المنافسة إلى فريق بطولات، ومن فريق محدود النجوم إلى آخر له بصمته وإسهامه، وتحديدًا مع منتخب الوطن. هو باختصار شديد صنع له شخصية الفريق البطل، وأعاد له الهيبة التي افتقدها لما يقارب الـ20 عامًا؛ وبالتالي فإن ما تردد بكثافة وبتصاعد لافت منذ لحظة إعلان استقالته يجسِّد حقيقة وقيمة ومكانة الأمير فيصل بعيدًا عن الخوض في مسببات وظروف ودوافع الاستقالة، وكذلك الدخول في التفاصيل الدقيقة والتقييم المنطقي لأدائه إداريًّا وماليًّا، وبخاصة في الموسم الأخير.
كنتُ طيلة مشواري الصحفي - وما زلت - أتعامل مع الأحداث والأشخاص بمختلف مواقعهم ومناصبهم، سواء كانوا رؤساء أندية أو إداريين أو مدربين أو حتى لاعبين بحسب عطائهم ونتاج عملهم. لست ممن يتدخل في شؤونهم وقراراتهم الخاصة. لم أطالب في يوم من الأيام بإقالة أو استقالة أحد أو الاستغناء عن مدرب أو اعتزال لاعب؛ لأن مثل هذه التدخلات تتنافى مع أبسط المبادئ المهنية الإعلامية، وتقلب الصحفي إلى مشجع وتابع بدلاً من أن يكون حرًّا مستقلاً أمينًا؛ لذلك سأتطرق وأقرأ مستقبل النصر بعد استقالة الأمير فيصل من منطلق قوة تأثيره والفراغ الذي سيتركه في ناديه والوسط الرياضي بوجه عام..
مثلما حدث في الشباب، وقبله الاتحاد، ليس من السهل على النصراويين إيجاد البديل المناسب الذي يعوّض شيئًا من حماس وانتماء وسخاء وشجاعة وصبر وقوة تحمل الأمير فيصل، إضافة إلى أن الانقسامات الشرفية والإعلامية والظروف المالية والفنية المزعجة التي يمر بها النصر في الوقت الراهن ستجعل العثور على الرئيس المؤهل لقيادته في المرحلة القادمة والقادر على احتواء وتجاوز كل أزماته ومشكلاته مهمة شاقة وعسيرة. وهنا علينا أن نتحدث ليس في نادي النصر بل في سائر الأندية عن خطورة فوضى وعشوائية الإنفاق، وغياب الرقابة والمحاسبة من رعاية الشباب، وتهميش دور الجمعيات العمومية. وهذه مجتمعة ليست وليدة اليوم، وإنما أصبحت ثقافة سائدة في معظم الأندية، وبالذات التي تعتمد في إيراداتها على التبرعات غير الواضحة والمزاجية من أعضاء الشرف الذين لا يمكن محاسباتهم، ولا إلزامهم بدفع مبالغ هم وحدهم من يملك حق تقديمها للرئيس، وبالقدر وفي الوقت الذي يرونه مناسبًا..
الأكيد أن الأمير فيصل بن تركي سجَّل اسمه في تاريخ النصر بحروف من ذهب، وبنجاحات ستبقى طويلاً في ذاكرة جميع النصراويين، بمن فيهم الذين اختلفوا معه؛ لسبب بسيط، هو أن اسمه ارتبط بالإنجازات الوحيدة حتى الآن للفريق الأصفر في الألفية الجديدة.