سعد الدوسري
عودة البطل
كيف يحضر الأصدقاء معاً؟
قبل قليل، كان محمد الثبيتي يشاركني وحدتي، والآن صالح العزاز.
دخلت على صالح، رحمه الله، وطالعني نظرة وداع أليفة، ولم أرغب في أن أختلف معه، لأنه كان يغادرني إلى الأبد.
هو يعرف حدتي طيلة علاقتي معه. حين أقول له لا، فهذا يعني أنه لا. لم أعش مع إنسان متسامح معي مثل «أبو شيهانة». كلما أقول له ما لا أحبه فيه، يخجل كما يليق بغيمة، ثم يثبت لي بعد ذلك أنه على صواب، وأنني على خطأ. تعلمت من صالح أن الآخر هو صديقك مهما اختلفت معه. وحتى اليوم، لا أزال أستمد تفاؤلي منه.
صالح العزاز، للذين لا يعرفونه، ليس مبدعاً في مجال الصحافة والتصوير الفوتوغرافي، بل في مجالات كثيرة؛ هو متبحر في علوم القرآن وتفسيره، وفي الأزياء والعطور. هو موسوعي، يحب الجمال في اللغة وفي اللقطة وفي الرائحة. هو مُلهِم في أناقته وفي ذوقه الشديد في اختيار من يعيشون معه. حين تجلس إليه، تجلس إلى شاعر تقليدي حداثي مربك. يحب ابن لعبون كما يحب محمد الدميني. يلتقط صورة العباءة بعشق، كما يلتقط صورة العابرات على الشاطئ.
غادرنا صالح العزاز، كما غادرنا محمد الثبيتي،
دون ضجيج،
ودون رصد لاستثنائيته.
كان بطلاً لروايتي «الرياض نوفمبر 90»،
رصدتُ من خلاله قصته وقصص أخرى لكثيرين، أحد أهم التحولات في المملكة، لكنه غادر وهو متيقن أنها لن تنشر. بعد 20 سنة، نُشرت الرواية، ربما لتنصف تجربته وتجارب كل الذين شاركوا في ذلك التحول.