سامى اليوسف
للمسجد في الإسلام رسالة، وأهمية كبرى، ودور فاعل، وشأن عظيم في انتشاره، وتعليم أركانه، وأصوله، فهو مكان أداء الصلاة، وذكر الله، وقراءة القرآن، واجتماع المسلمين. كان أول أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم عند دخوله المدينة المنورة بناء المسجد.
«عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول:ُ مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ».
إن عمارة المساجد، وإقامتها، وصيانتها، والاهتمام بها يصنف من أفعال الصدقة الجارية التي قال عنها المصطفى إنها تُبقي عمل ابن آدم بعد وفاته دون انقطاع، تدر عليه الحسنات، والأجر، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبعٌ يجري للعبد أجرُهن وهو في قبره بعد موته: مَن علَّم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورَّث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته»، حسَّنه الألباني في «صحيح الترغيب» .
وشهد الله سبحانه وتعالى لمن يقوم بهذا الفعل بالإيمان:» إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر».
نخلص إلى أن بناء المساجد فضيلة من الفضائل، وهو مثال حي على الصدقة الجارية، ومشروع البناء والعمارة، والصيانة لها وجه من أوجه بذل الأموال والأوقات في احتساب الأجر، إذا خلصت النيّة له سبحانه وتعالى من باب التعاون على البر والتقوى.
نحتاج بعض الوقت أن نبتعد عن هموم وأخبار الرياضة وكرة القدم لنذكّر أنفسنا بأمور نغفل عنها في زحمة مسؤولياتنا، وركضنا في مشاوير الحياة ومتاعبها من باب المسؤولية الاجتماعية للكاتب، أو الإعلامي.. لذلك أكتب ما تقرأون مشيداً بالمبادرة التي أعلنتها إدارة نادي الهلال بالأمس حول تكفل عضو الشرف الداعم الأمير فيصل بن سلطان ببناء جامع بجوار مقر النادي يحمل اسم فقيد الهلال والرياضة السعودية الأمير عبدالله بن سعد رحمه الله (1379- 1415هـ)، والذي ترأس نادي الهلال على فترتين، وجلب لخزينته 9 بطولات لا تنسى، « 4 دوري، 2 كأس الملك، 2 كأس الاتحاد، بطولة أندية الخليج»، ولقد كان بحق شخصية رياضية قيادية استثنائية يندر وجود مواصفاتها في وقتنا الحاضر.
مثل هذه الأفعال، والأعمال الجليلة التي يبتغي الإنسان فيها وجه الله تعالى طلباً للأجر، وتحقيقاً لمشروع الصدقة الجارية هي من تعطر ذكراه في الدنيا، وتزف له البشائر وهو في حياة البرزخ إلى مشهد الوقوف بين يدي الكريم جل علاه.
هنالك أفعال يبادر إليها رياضيون تذكر، فتشكر، وفي هذا السياق أتذكر مبادرة عضو مجلس إدارة الاتفاق بدر العبدالكريم في حفر آبار المياه في إحدى الدول للمحتاجين، مكافأة للاعبي ناديه عقب صعودهم إلى دوري جميل للمحترفين، وفيها تجسيد لواحد من أهم الأعمال التي أوصى بها نبينا ألا وهي سقاية الماء.
ومثل ما فعله الأمير فيصل، والعبدالكريم يقوم به كثير من الرياضيين منه ما ظهر لنا وأشرنا إليه في الإعلام، ومنه ما خفي وكان أثره أكبر.
وفي هذا السياق، أهيب بالرياضيين والإعلاميين، وأوصيهم ونفسي، وبخاصة اللاعبون المحترفون الذين يتقاضون الملايين أجوراً لعقودهم، والمرتبات العالية التي أدخلتهم فجأة ضمن «الطبقة المخملية» في المجتمع أن يبادروا لمثل هذه الأفعال، أو مايوازيها كما جاء في حديث رسولنا الكريم أعلاه، ولاسيما أن عمر اللاعب قصير في الملاعب إذا سلم من شر الإصابة، والعين، وفي ذلك اغتنام لأهم مراحل العمر: الحياة، والشباب، والصحة، والغنى.. بدلاً من الانفاق على رفقاء السوء، والملهيات، والسهرات الحمراء التي لا تجر إلا الفضائح.
كلي أمل ورجاء بأن لا ننخدع بطول الأمل، ونبادر بتصحيح المسار والعمل.. بالتوبة والعمل الصالح، فالموت قادم، ولكل أجل كتاب.
فاصلة
عندما كنت أشيد بأداء الحكم محمد البشري - رحمه الله- كان يبادر للاتصال شاكراً، وعندما انتقده يبادر حين الاتصال، أو اللقاء بالسلام والحوار بكل أدب جم، واحترام للرأي على الرغم من فارق السن آنذاك، لم أذكر تعبيرًا مسيئاً بدر منه على الرغم من حدتي أحياناً، بل إن عادة التهنئة بالرسائل في المناسبات والأعياد لم تنقطع إلا مع اشتداد مرضه - رحمه الله.
ادعوا معي لأبي صالح، وللمدرب الوطني عبدالعزيز بن حمد بالرحمة، والمغفرة، وأن يسكنهما الله فسيح جناته، ويتجاوز عنهما، ويلهم ذويهما الصبر والسلوان إنه سميع مجيب الدعاء.
أخيرًا،،
على قّدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ