د. عبدالواحد الحميد
أكثر من مسؤول صحي رسمي نبَّه إلى التغيرات السلبية التي بدأت تظهر في مجتمعنا السعودي بسبب التلوث البيئي والعادات الغذائية غير الجيدة وعدم ممارسة الرياضة وغير ذلك من السلبيات التي برزت في العقود الأخيرة بشدة.
وفي السابق كانت مدننا وأريافنا تنعم بحياة وادعة، ولم يكن التلوث يشكل مشكلة كبيرة، ولكن مع التزايد السكاني وارتفاع المستوى المعيشي زحفت إلينا مشكلات المجتعات الصناعية وبعض مجتمعات العالم النامي التي تعاني من الزحام وشدة التلوث.
وقد نشرت بعض وسائل الإعلام عندنا أن أكثر من مدينة سعودية أصبحت في عداد المدن الأكثر تلوثاً في العالم. وقد أفاد الخبر المنسوب إلى تقرير صادر هذا العام 2016 عن منظمة الصحة العالمية أن مدينة الرياض تحتل المرتبة الثامنة بين مدن العالم الأكثر تلوثاً وأن الدمام والجبيل تحتلان المرتبة الخامسة عشرة!
هذه الإحصائيات، إن كانت دقيقة، فهي مدعاة للقلق! فالتلوث هو أحد الأسباب الرئيسية للأمراض المستعصية، وعلينا أن نتوقع زيادات متسارعة في نسبة الناس الذين سيعانون من أمراض القلب والسرطان والربو وغيرها من الأمراض الشائعة بين سكان المدن ذات التلوث المرتفع.
هذا يعني أن أعباءَ جديدة سوف تضاف إلى الأعباء التي تتحملها مستشفياتنا ومراكزنا الصحية والتي هي الآن بحالة لا تفي معها بالمتطلبات الصحية للمواطنين والمقيمين. ولكن إذا كانت لدينا هذه النسب العالية من التلوث فهل تستطيع مؤسساتنا الصحية بمختلف مستوياتها أن تتحمل ذلك في ظل الامتداد العمراني والتزايد السكاني وحركة التصنيع المتنامية في جميع مدن ومناطق المملكة؟
أعتقد أن مواجهة التلوث يجب أن تكون جزءاً من الحل، وهو في هذه الحالة حلٌ وقائي وينسجم مع حكمتنا المأثورة «درهم وقاية خير من قنطار علاج»، فلكي يستطيع نظامنا الصحي تحمل الأعباء المتزايدة فإن المطلوب تفعيل المعايير الصحية العالمية المتعلقة بالتلوث والحدود المقبولة منه، وأن تأخذ سلامة البيئة حيِّزاً أكبر من الاهتمام.
مجتمعنا كغيره من مجتمعات الدنيا ينشد التنمية، لكن التنمية المطلوبة هي ما يسمى بـ»التنمية» المستدامة وهي تلك التي تجعل المحافظة على البيئة أحد مرتكزاتها ومعايير نجاحها.