سعود عبدالعزيز الجنيدل
قبل أيام مضت اتصلت على متعهد صيانة وتركيب»الدش» الستالايت، من أجل إرجاع القنوات التي انقطعت بسبب هطول الأمطار….
حسين هو عامل الدش»الستالايت « الذي أتعامل معه منذ زهاء السنوات الخمس، وبعدما ركب معي أثار حديثا بقوله:- هذه اللغة تسمى Saudi Pidgin»- أنا يسمع هذا محل اتصالات كله سعودي.
طبعا هو يتكلم عن قرار معالي وزير العمل بشأن سَعوَدَة محلات الاتصالات، القرار الذي أثلج صدري، وصدور كثير من السعوديين، القرار الذي سيساهم بإذن الله في تخفيض نسبة البطالة، وسيفتح أبواب رزق لكثير من الشباب والشابات…
وفي خضم ذلك الحلم الجميل الذي أطلقت له العنان، إذ بحسين يقول: سعودي ما فيه شغل زيادة، سعودي يبغى مكتب.
فقلت له مدافعا الوضع الآن تغير، فالعقلية القديمة تغيرت، فالسعودي قادر على العمل في كثير من الوظائف التي كان السعودي لا ينظر لها، فمثلا تجد كثيرا من الشباب الذين نفتخر بهم، ونرفع لهم القبعة تبجيلا واحتراما، يعملون في المطاعم، وفي الأسواق، وفي توصيل الطلبات…
بعدها أعطاني مثالا لم أستطع أن أرد عليه، قال لي: هذا سيم سيم محل خضار، الحين كله يمني، مافيه سعودي.
بعدها فكرت كثيرا في كلامه، وهل ممكن أن يئد هذا القرار وهو مازال في المهد، لم ير النور بعد؟.
أقنعت نفسي بصعوبة هذا الأمر، وأن عامل الدش حسين، قال الكلام الآنف لمصلحة في نفسه، وهي المنافسة من ابن البلد، وبهذا الاقتناع شبه التام، وصلت للمنزل، بعد أن أعدت حسين لسكنه، بعد أن أصلح «الدش» الستالايت.، وقلت له مازحا، ممكن دش كله سعودي يصلح، نزل ضاحكا وقال الله كريم….
قبيل وقت قصير قرأت في إحدى الصحف خبرا عن تقدم 254 للدورة المقدمة من الموارد البشرية» هدف» لتدريب السعوديين لصيانة الجوالات، وكان العدد المستهدف 1717 وظيفة!
هذا الإقبال الضعيف أعاد لي مكرها كلام عامل الدش حسين، هل فعلا هذا ما سيحدث؟ هل الواقع سهل التنبؤ به من قبل عامل آسيوي بسيط، لم يكمل دراسته؟ وصعب على أصحاب المؤهلات العليا؟
أسئلة كثيرة جاشت في صدري، ولم أجد لها جوابا.
توجد عندي فكرة بسيطة، مع أنني رجل لغوي،- بضم اللام- وليس لي في الاقتصاد ناقة ولا جمل، لكنها فكرة دارت في مخيلتي، بعد كلام أحد الزملاء العاشقين لمهنة التركيب والتفكيك.
لماذا لا يتم قبول جميع المتقدمين للدورات التي تشرف عليها « هدف» فيما يخص سَعوَدَة محلات الاتصالات؟ لسببين
الأول: أن نضمن تغطية هذا القطاع وسعودته تماما، وذلك من قبل كثير من الشباب الذين أعرفهم، ولديهم رغبة وهواية لتلك المهنة.
الثاني: القصد من السعودة هو إتاحة الفرصة لابن البلد في زيادة دخله، ومنافسة الأجنبي الذي تفيد الإحصاءات بضخامة المبالغ التي تحول خارج الوطن سنويا، وأيضا سينفق ابن البلد هذا الدخل داخل الوطن..
ولو خشينا من منافسة الموظف السعودي لأخيه السعودي العاطل، فهناك عدة طرق لتفادي ذلك منها: فتح القبول للدورات للكل، ولو وجدنا أن العدد المتقدم يفوق بمراحل العدد المستهدف، نبدأ بعدها عملية الفرز.
المهم هو إتقان الصنعة من قبل الشباب سواء كان موظفا أم لا، فإذا استطاع الشباب العاطلون عن العمل تغطية هذا القطاع، فهذه هي الغاية التي نطمح لها، وإذا لم يستطع، فالموظف السعودي جاهز لتغطية المتبقي من السعودة، بما أنه مؤهل وعنده الأدوات اللازمة، وأخذ دورات متخصصة في هذا المجال.
تقول العرب كل الصيد في جوف الفراء،،
أخشى أن نقول كل الصيد في جوف العمالة!
إلى اللقاء