سعود عبدالعزيز الجنيدل
قال تعالي (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)
قال القرطبي: «وهم لا يشعرون إشارة إلى الدين والرأفة والعدل».
هذا النوع من التحطيم الجسدي والمادي الملموس لا يعنيني في هذا المقال، لكن الذي يعنيني هو التحطيم المعنوي، وما أدراك ما التحطيم المعنوي؟
المتأمل لمجتمعنا يرى أن الغالبية العظمى تُمارس هذا النوع من التحطيم وهم يشعرون، بل ويتفننون في ذلك، فَلَو كانت هناك شهادات (PHD) لحصلوا عليها مع مرتبة الشرف، فهم يعشقون التحطيم, وكم تبلغ سعادتهم منتهاها حين تمارسه, وحينئذ يشعرون بالرضا لأنَّهم قد تمكنوا من الشخص الآخر الذي قد يكون أفضل منهم بمراحل، ولكنه لا يرُد التحطيم بالتحطيم، لأنه يربأ بنفسه عن مثل هذه الأمور، فهو كالشجرة الوارفة التي تعيش لتثمر وتكون نافعة للإنسانية جمعاء.
ألا يعرف هؤلاء أن النفوس بيوت أصحابها، فإن طرقوها، فلا بد أن يطرقوها برفق، وفي رأيي أن النفس شبيهة بالزجاج، فهي تحب أن يتعامل معها برفق، لكي يظل بريقها وشفافيتها، ولا ينفع معها الأسلوب الهمجي. وصدقوني أن الأذى الجسدي تشعر به وقتها، وما هي إلا دقائق ويزول الألم، ولكن الأذى النفسي قد يظل مرافقا لك حتى مماتك.
أشكال التحطيم النفسي
تتعدد أشكال التحطيم النفسي، ولكني أستطيع أن أعطي عددا من الأمثلة:
*- مهما تفعل فلن يرضيهم، بل بالعكس تماما، سيأتيك النقد , لماذا لم تفعل كذا، أنت مخطئ، لا تعرف كيف تتصرف....
قالت العرب: رضا الناس غاية لاتدرك.
*- عدم تقدير العمل الذي فعلته، حتى لو بكلمة واحدة، بل يتعاملون مع صنيعك بكل جمود.
*- عدم الثقة في تصرفاتك وأفعالك، فأنت لست أهلا للثقة عندهم.
أسبابه
في الحقيقة أجهل تماما أسبابه، ولا أعرف ما الذي يجعل شخصا ما يمارس مثل هذا النوع من التحطيم، حتى أنه قد يمارسه مع أحب الناس إليه، مثل أولاده، أو زوجته، أو صديقه.... ولكني أعتقد أنه الجهل، نعم الجهل بكيفية التعامل، فحسن التعامل فن قلما يدركه الآخرون.
النتائج
أرى من وجهة نظري أن النتائج تكون وخيمة، فهي قد تسبب مضاعفات، منها:
*- فقدان الثقة بالنفس.
*- محاولة إلغاء الشخصية حتى لا تتعرض لوابل من النقد السلبي.
*- الضغط الكبير الذي تتحمله النفس خشية من ارتكاب خطأ ما، يتربص له الآخرون.
*- استمرار جلد الذات، محاولا أن تثبت لهم أي شيء.
*- النفسية السيئة وهي انعكاس للضغط الذي تعرض له الشخص.
الحلول
محاولة إخبارهم بأنهم يخطئون في حقك، بهذه الممارسة، ولا تجامل, أخبرهم بما يدور في نفسك، وإذا انتهوا فهذا هو المنى، وإذا استمروا فعوّد نفسك عليهم ولا تيأس، من أمل تغييرهم.
ألم يقولوا: لا يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب.
دائما ما أقول
علينا أن نقول وعليكم أن تتأولوا
** **
(*) ماجستير في اللغة والنحو