د. أحمد الفراج
لم يكد يجف حبر مقالي السابق، عن مأزق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في نوفمبر القادم، وعدم قناعة شرائح كبيرة من الناخبين بأي من المرشحين، الجمهوري، دونالد ترمب، والديمقراطية المحتملة، هيلاري كلينتون، حتى أشارت استطلاعات الرأي الأمريكية الرصينة، يوم أمس، إلى أن ستة من كل عشرة ناخبين أمريكيين، ليسوا مقتنعين بهذين المرشحين، وهو رقم كبير جدا، فإذا افترضنا أن مائة وخمسين مليونا سيصوتون في الانتخابات، فإننا نتحدث عن حوالي تسعين مليون مواطن أمريكي، إما سيصوتون لمرشح لا يرغبون فيه، أو سيجلسون في منازلهم يوم التصويت، وربما تزداد هذه النسبة في قادم الأيام، خصوصا مع الحرب المشتعلة، والرخيصة، والتراشق اللفظي، الذي يدور بين حملتي ترمب وكلينتون، وقد تجاوز ترمب كل الحدود في هجومه اللاذع على الرئيس السابق، بيل كلينتون، فبعد الحديث عن علاقات الأخير النسائية، ها هو يتهمه بالمؤامرة في مقتل المستشار في البيت الأبيض، في عهد الرئيس كلينتون، المحامي فينسينت فوستر، والذي قيل إنه مات منتحرا، في ذلك الوقت، بسبب ضغوط العمل، وما ترتب عليه من أمراض نفسية مستعصية.
وكأن هذا التراشق اللفظي الرخيص بين كلينتون وترمب ليس كافيا، فقد زادت حوادث الصدام، بين أنصار ترمب ومعارضيه، في أماكن التجمعات الجمهورية، وهذا أمر متوقع، إذ عندما تكون أجندات المرشح عنصرية متطرفة، فمن الطبيعي أن يكون هناك أنصار متطرفون، ومعارضون متطرفون، أيضا، وكان ترشح ترمب، واكتساحه، فرصة ذهبية للديمقراطيين، فيما لو كان لديهم مرشح جيد. هذا، ولكن مأساتهم تكمن في هيلاري كلينتون، فعلى الرغم من أن لديها خبرة كبيرة في العمل السياسي، إلا أنها تنتمي للمؤسسة السياسية النخبوية، والتي يعتقد معظم الناخبين بأنها هي الجذر الأساس لكل مشاكل أمريكا، كما أنها تفتقد للكاريزما اللازمة، إذ تبدو غير مقنعة، حتى لبنات جنسها، ثم هناك تحميلها مسؤولية تفجير السفارة الأمريكية في بنغازي، ومقتل السفير الأمريكي، حينما كانت وزيرة للخارجية، وأهم من كل ذلك، فضيحة استخدامها لبريدها الإلكتروني الخاص، في العمل الرسمي، وهو ما يجري التحقيق حوله حاليا.
نعم، يبدو المشهد السياسي الأمريكي أكثر سوءا مما يظن المعلقون، ولا أحد يعلم على وجه الدقة ما ستسفر عنه تطورات الأيام القادمة، فالانتخابات التمهيدية للحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، على وشك النهاية، ولكن سيكون ما بعدها مختلفا هذه المرة، فمن مرشحين غير مقنعين، إلى شعب بدأ يتململ من رتابة سير عملية الانتخابات، ونتائجها المتشابهة في كل مرة، فهل، يا ترى، سنشهد تجديدا للديمقراطية الأمريكية؟!. شخصياً، أستبعد ذلك!.