د. أحمد الفراج
قبل أيام، وفي تطور لافت، ومرعب، كتب كبير الخدم لدى المرشح الجمهوري، دونالد ترمب، المدعو انتوني سينيكال، مقطوعة عنصرية، مليئة بالحقد، والدناءة، ضد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وذلك على صفحته الشخصية في الفيسبوك، والمقطوعة لا تنتمي لعصرنا الحاضر، ولا للإمبراطورية الأمريكية الحديثة، والتي تمثّل قيم الحرية، والعدالة، والديمقراطية، والتسامح، بل تنتمي للقرن الثامن عشر، وجزء من القرن التاسع عشر، حينما كان الرجل الأمريكي الأبيض يستعبد السود، ويقتل الهنود الحمر، ومع أن دونالد ترمب حاول أن ينأى بنفسه عن توني سينيكال، وأعلن أنه لم يعد يعمل معه منذ عام 2009، إلا أن هذا هراء وكذب بواح، فالتقارير تشير إلى أن سينيكال صديق شخصي لترمب، وما زال مرتبطاً به كمؤرّخ، وهذا ما أرجحه شخصياً، لأن اللغة التي كتب بها توني سينيكال هي ذات لغة ترمب العنصرية القميئة، ولكنها جاءت واضحة صريحة على لسان أحد رجاله المقرّبين.
توني سينيكال كتب في صفحته على الفيسبوك، وقال: «إلى أصدقائي في المباحث الفيدرالية، هذه رسالة قصيرة لكم، عن الكائن الذي تسمونه الرئيس (يقصد باراك أوباما)، والذي أسميه أنا (النكرة)، حيث يفترض أن يكون قد قتل من قبل جيشنا، خلال فترته الرئاسية الأولى، لأنه عميل أجنبي، ولكن بدلاً من ذلك، ما زال هذا الكائن في البيت الأبيض يعمل على تدمير أمريكا التي نعرفها ونحبها»، ولم يكتف هذا العنصري الأهوج بذلك، بل قال إن أوباما زنجي مسلم، ويجب أن يشنق على عتبات البيت الأبيض! ومع أن ترامب وحملته الانتخابية ما زالوا ينكرون صلتهم بتوني سينيكال، إلا أن هناك شكوكاً كبيرة حول ذلك، فدونالد ترمب، ذاته، قال ما هو أشنع عن اللاتينيين، الذين وصفهم بأنهم قطاع طرق ومجرمين، كما طالب بمنع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، وبالتالي فإن ما كتبه توني سينيكال يتواءم مع وجهة نظر ترمب، فترمب هو الذي وضع، في عام 2011، جائزة قيمتها خمسة ملايين دولار لمن يثبت أن أوباما ولد على الأراضي الأمريكية، وأنه غير مسلم، وقد كتبت عن ذلك في حينه، وكيف أن أوباما انتقم من ترمب شر انتقام، وأضحك عليه الجمهور الكبير، في حفل رابطة مراسلي البيت الأبيض ذلك العام.
خطورة تصريحات توني سينيكال العنصرية عن الرئيس باراك أوباما، وهو القائد الأعلى لكافة القوات المسلحة الأمريكية، هو أنها تأتي في وقت عصيب، وذلك أن دونالد ترمب هو المرشح الرسمي للحزب الجمهوري، والخطورة الأعظم هي أن هذه اللغة العنصرية ضد السود واللاتينيين والمسلمين تروق لشرائح لا يُستهان بها من الشعب الأمريكي، حسب صحيفة الواشنطن بوست الرصينة، وبالتالي فإن أمريكا أمام منعطف خطير، وغير مسبوق، ومع أنني ما زلت أعتقد بصعوبة فوز ترمب بالرئاسة، لأن شرائح واسعة من الشعب الأمريكي تقف ضد مبادئه العنصرية، ولا تثق بخبراته وقدراته، إلا أننا نعيش في عالم مجنون، وقد يحدث ما لا يتوقّعه أحد، ولهذا سأعود، حتماً، إلى الكتابة عن هذا المأزق التي تمر به الإمبراطورية الأمريكية.