فهد بن أحمد الصالح
دون شك فإن الواقع القادم للملف الرياضي سيتغير، ووصاية الجهة الرسمية ولجانها واتحاداتها على الأندية لن تكون كما كانت، لأنها ستدار بطريقة مختلفة. ودور الهيئة سيبقى في سن القوانين والأنظمة واللوائح التي تضمن جواً تنافسياً عادلاً وفي الوقت نفسه جاذباً وغير منفر, ولكن هذا سيقودنا إلى العودة قليلاً إلى أمرين مهمين تحدث عنهما سمو الأمير عبدالله بن مساعد قبل صدور التنظيم الجديد وفيه تهيئة واضحة لذلك, حيث ذكر أن المسؤولية الاجتماعية وحضور النادي في فعاليات وطنية هي أحد البنود التي سيقيم النادي بناء عليه قبل عملية الخصخصة وإن كان في ذلك فرصة عام لا ندري متى ستبدأ, والأمر الآخر وتحدثت عنه الرؤية الوطنية 2030 بوضوح أن عدد الأندية الخاصة بالهواة ستكون 450 نادياً ودون شك أن جزءاً كبيراً منها إن لم تكن هي أندية لم تستطع أن تدخل هذا العالم الجديد ولم تكن منافسة أو ممارسة حتى تنطبق عليه شروط الخصخصة. وهذا يجعلنا نطرح العنوان الكبير الذي يحتاج إلى مساهمة أصحاب القلم الاجتماعي والرياضي والثقافي لكي نرى أن المشهد الرياضي قد استُوفي هذه الأمور المهمة التي لا نرغب أن يخلو المشهد الرياضي منها، فالرياضة لوحدها لا ترتقي بالمجتمع ولا تثقفه ولا ترفه عنه، ويسرني إيراد بعض المرئيات لعل فيها ما يفيد:-
· مع ضم وزارتي العمل وللتنمية الاجتماعية فإن هذا يحتم على الهيئة الرياضية أن تسن أنظمة تلزم بها الأندية كي يلحقوا جميع اللاعبين بنظام التأمينات الاجتماعية، وجعل الرياضة أو اللعبة الرياضية مهنة للاعب ومصدر اكتساب له وبمرتب شهري أو بنظام خاص باللاعبين يُطرح كبرنامج مستقل يُمكن اللاعب المشترك بعد 25 عاماً من الحصول على مرتب تقاعدي يحفظ له كرامته ويبعده عن الاستجداء أو الصرف عليه من جمعية أصدقاء قدامى للاعبي كرة القدم التي فرحنا بها ولم نر لها ما يجعلنا نطمئن على مستقبلها في قضاء حاجة المحتاج من اللاعبين أو خطة إستراتيجية لها. وأجزم أن التنمية الاجتماعية لم تلتفت إليها وكذلك هيئتنا الرياضية قبل وبعد مرحلة التحول, علماً أن وزارة الداخلية قد اعترفت بالرياضة كمهنة، ويكتب ذلك في الهوية الوطنية على أن مهنته لاعب رياضي, والنجاح محقق لأن عقود المحترفين تمكنهم من ذلك وقد تدفع حصيلة الـ25 عاماً مجتمعة وتقلل فترة الاستفادة لـ20 عاماً.
· نتطلع أن يكون لهيئة الرياضة دور واضح في إيجاد بعد اجتماعي وإنساني في الأندية مع انطلاقة الخصخصة والإعلان عنه قبل ذلك، لأن غالب الأندية لا تعير التواجد الاجتماعي وبرامج المسؤولية الاجتماعية اهتماماً يستحق ويواكب تطلعات المجتمع عامة والمحتاج خاصة، ولذا نرى تفرد وتميز للبعض منها والباقي يقف موقف المتفرج إما عاجزاً أو غير مقتنع طالما أن أرباحها غير ملموسة وتعود لخزينة النادي، وهي دون شك نظرة قاصرة يمقتها ديننا الحنيف. لذا نستطيع من خلال الأندية الرياضية والتنمية الاجتماعية أن نحقق هدفاً رئيساً في رؤية الوطن 2030، وهي رفع الحس التطوعي من 11 ألف متطوع إلى مليون متطوع مما يسهم في تعزيز ثقافة التكافل الاجتماعي المجتمعي.
· مع إطلاق الهيئة العامة للثقافة فيجب أن يكون هناك توأمة مع هيئتنا الرياضية ونلمس التأثير الإيجابي على الأندية في جوانب الثقافة العامة أو برامج التوعية والانطلاق من الأندية للعالم الخارجي عبر القاعدة الجماهيرية العريضة, ونستطيع من خلال ذلك أن نغير الكثير من السلوكيات سواء لدى اللاعبين أو الجماهير، ونرفع درجة الحس الوطني وتحقيق عبارة أن الرياضة فن وذوق وأخلاق بصورة نجني ثمارها مع شباب هم رجال الغد وبناة الأوطان وحماتها.
· في رؤية الوطن الشابة أطلقت هيئة للترفيه وهي دون شك أمام تحد كبير في لملمة شتات أهدافها وبرامجها وثمة دور على الهيئة الرياضية وضرورة التنسيق الثنائي حول برامج الترفيه وفعالياته, وكيف سيكون واقع الأنشطة الترفيهية في أندية الهواة, ثم كيف نحقق رؤية الوطن في دفع الأسر نحو الترفيه وزيادة الإنفاق عليه في حال أن يكون هناك مبادرات تجمع الرياضة بالترفيه مثلما هو في كثير من الدول الأخرى والاستفادة من التجارب السابقة لهم.
ختاماً, تجتمع تلك المصالح تحت مضلة مجلس الاقتصاد والتنمية، وهذا لا شك يسهل كثيراً المخرجات المثالية ويجعلنا نحاكي عصر السرعة في إقرارها والبدء في تطبيقها خاصة أنها ستكون للشباب وسيضمن بها مستقبلهم, كذلك يُضمن بها الرضا من أفراد المجتمع لأن الصورة لم تعد رياضية بحتة مثلما كانت وبيئة منفرة للشباب وليست مصدر اطمئنان لوالديهم عليهم أو عامل جذب للصغير والكبير، وفي حال تلك الشراكات التكاملية فإن الحال سيتغير بالكامل وما كان منفر سيصبح جاذباً وما كان مصدر قلق فسيكون مصدر اطمئنان, ولن يتجاوز الأمر سوى الأخذ بالآراء الوطنية الصادقة مع ورش عمل لما يمكن تطبيقه بين تلك الجهات التي اجتمعت ليكون المواطن مصدر اهتمامها وراحته سبيل نجاحها.