علي الشدي
ودع الوسط الإعلامي منذ أيام ماجد الشبل بعد معاناة طويلة مع المرض.. والفقيد ليس مجرد مذيع يلقي ما يكتب له وإنما هو مثقف وأديب وشاعر، وأهم من ذلك نجم من نجوم المحافظة على اللغة العربية السليمة في وقت كثر فيه اللحن في اللغة الخالدة ليس فقط على ألسنة عامة الناس وإنما من بعض المثقفين والمذيعين والمذيعات اللاتي يكسرن اللغة بلهجات بلدانهن حتى في نشرات الأخبار والبرامج الجادة.. وماجد الشبل واسمه (محمد بن عبدالله الشبل) يمثل قمة التلاحم بين الشعبين السعودي والسوري منذ قديم الزمان أيام رحلات العقيلات الشهيرة حيث إن والده قد عاش في الشام وهو من أهل عنيزة بالقصيم وتزوج والدته من دمشق.. ومن المفارقات العجيبة التي رواها -رحمه الله- في أحد اللقاءات أن والده السعودي دفن في دمشق ووالدته الدمشقية دفنت في الرياض.. مما يؤكد الصورة الجميلة للتلاحم بين الشعبين والتي تتجلى في أوضح صورها منذ اندلاع ثورة الشعب السوري المنتصرة بإذن الله.. وخلال مرض ماجد الشبل طالب الكثيرون بتكريمه كرمز ثقافي وكأحد المساهمين بشكل فاعل في تأسيس التلفزيون السعودي وذلك ضمن كوكبة تستحق التكريم بقيادة الدكتور عبدالرحمن الشبيلي ولا أريد أن أذكر بعض الأسماء حتى لا يغيب بعضهم عن الذاكرة وإنما من يعرفهم بشكل دقيق هو الدكتور الشبيلي نفسه الذي كان يصحبهم يومياً بسيارته بعد انتهاء البث يوم كان باللونين الأسود والأبيض.. يأخذهم إلى مقهى في طريق خريص لا للتسلية والراحة وهم جميعاً في أشد الحاجة إلى ذلك بعد عناء يوم طويل وإنما لتبادل الحديث حول الأخطاء التي وقعت في عملهم خلال اليوم وكيف يمكن تلافيها في اليوم التالي.. في صورة جميلة للمهنية العالية والإخلاص في العمل.. وعودة إلى موضوع تكريم الأحياء أقول: إن هذا الأمر على ما يبدو لا وجود له في ثقافة العرب عامة وأهل الخليج العربي خاصة، فالتكريم يأتي دائماً بعد وفاة المبدع المكرم أو بعد أن يصبح في وضع لا يستطيع فيه حضور التكريم فيرسل أحد الأبناء لاستلام الجائزة.. وقد كسرت هذه القاعدة مؤخراً إمارة دبي حيث قدمت ولا زالت تقدم العديد من الجوائز سنوياً للمبدعين في مختلف المجالات.. ومنهم عدد كبير من السعوديين والسعوديات الذين كان يفترض تكريمهم في بلادهم أولاً ثم لا بأس من تكريمهم في أي بلد آخر.. وكان آخر هؤلاء الزميل عبدالرحمن الراشد الذي فاز بجائزة شخصية العام الإعلامية في منتدى الإعلاالمقام في دبي برعاية من الشيخ محمد بن راشد بن مكتوم.
وأخيراً: ومع الرؤية الجديدة 2030م نأمل أن تكون هناك جهة تهتم بتكريم المبدعين والمخترعين والمخلصين وما أكثرهم في المجتمع السعودي الذي يزخر بالكفاءات التي سيكون لتكريمها في وقت مبكر دفعة قوية لتحقيق المزيد من التفوق في جميع المجالات الحيوية التي جاءت الرؤية الجديدة لدعمها وتعزيزها للوصول بهذا الوطن إلى المكانة التي يستحقها بما يملك من إمكانات أهمها الإنسان الذي هو هدف التنمية وأساسها.