جاسر عبدالعزيز الجاسر
الزعامة السياسية لا تتم اعتباطاً، وفي منطقتنا العربية لا يمكن صنع الزعيم السياسي في المطابخ السياسية والنقابية كما في الغرب، ففي الدول الغربية يتم تهيئة الزعماء السياسيين والبرلمانيين وقادة الأحزاب من خلال انخراطهم في نشاط النقابات والمجالس البلدية والمحلية، إذ يتم التركيز على الأشخاص المؤهلين من خلال ما يظهرون من قدرات وإمكانات قيادية ومؤثرات شخصية تجعل استثمار الأحزاب لهم استثماراً ناجحاً يقود في كثير من الأحيان الأشخاص الذين تم التركيز عليهم إلى مقاعد البرلمان، ومنهم من يصل إلى قيادة البلاد من خلال وصوله إلى منصب رئاسة الحكومة.
في الدول العربية لا تتوفر مثل هذه الآلية، فلا توجد لدينا أحزاب متمرسة وذات منهجية تنظيمية تثمر عن إعداد قادة سياسيين يهتمون بالشأن الوطني العام، وحتى في الدول التي لها مجالس محلية وبلدية لم تفلح في صنع قادة ساسيين، إذ كثيراً ما ينتهي دور عضو المجلس البلدي أو المحلي بانتهاء فترة عمله، ولا يستمر في ممارسة دوره كمواطن يهتم بالشأن العام والوطني. ولذلك فإن القيادات السياسية في معظم البلدان العربية تأتي عبر توارث العوائل السياسية كما في لبنان، أو نتاج تكتلات عرقية أو مذهبية كما في العراق وسوريا، أو ثمرة لفرض فكر حزبي مأدلج كما في الأحزاب الدينية، كما حصل في الأحزاب المنبثقة من جماعات الإخوان المسلمين في مصر وتونس والأردن والمغرب وحتى العراق وسوريا.
في لبنان والذي يرصد المهتمون بالشأن اللبناني السياسي تصاعد نجم اللواء والوزير السابق أشرف ريفي، والذي في طريقه لأن يكرس زعيماً سياسياً في لبنان متخطياً من سبقوه من القادة والزعماء السياسيين في لبنان الذين حصلوا على تلك المكانة، إما عن طريق الوراثة أو الاستعانة بالدعم الطائفي المدجج بالسلاح مثلما هو حاصل للملا حسن نصر الله. وأشرف ريفي يختلف عن غيره من الزعماء السياسيين اللبنانيين من أنه بنى زعامته السياسية التي تجذرت، وتأكدت في الانتخابات البلدية التي جرت في طرابلس وشمال لبنان بتفوقه على ما يسمى بائتلاف الكبار الذي جمع فرقاء التناقض السياسي والمذهبي.
وحده ريفي لم يدخل ائتلافاً ولا تكتلاً طائفياً، بل اعتمد على نزاهة وثقة اللبنانيين به كزعيم سياسي قادم قد يساعد على إخراج لبنان من محنته.