سعود عبدالعزيز الجنيدل
تدرج مقولة بين الناس على اختلاف أعمارهم, وثقافاتهم, وتجد كبار السن يستدلون بها, وفي السياق ذاته تجد الشباب يستخدمونها وكأنها ميراث يتم توريثه للأجيال القادمة, وهذه المقولة هي: «اللي ما يكتب عسر».
في مقالي هذا سأجهز طاولة العمليات, ومشرح النقد, لتشريح هذه المقولة.
نحتاج في عملية التشريح للاهتمام بالجانبين اللغوي والمعنوي، فبادئ ذي بدء سأشرح وأفكك هذه المقولة لغوياً.
بدأت الجملة باسم موصول «اللي» و أصله «الذي».
وبعد اسم الموصول يواجهنا حرف النفي «ما».
وبعد حرف النفي يأتي الفعل المضارع «يُكتب» - يسميه المتقدمون ما لم يسمّ فاعله، ويسميه المتأخرون المبني للمجهول. وأخيراً يأتي نائب الفاعل «عسر»، وأصله «العسُر» أي الصعب الشديد.
هذا من ناحية التركيب, أما من ناحية المعنى, - وهو سبب كتابتي لهذا المقال - فالناس تستخدمه في سياق واحد, وهو السياق الذي لا يتحقق فيه شيء ما, فمثلاً لو كانت هناك مباراة بين فريقين, وكان أحدهم يضيِّع الكثير من الفرص, ولم يتمكن من تسجيل هدف, فسيقول أحد ما «اللي ما يكتب عسر», يعني أن الله لم يكتب لهذا الفريق أن يسجل هدفاً...
وأرى من وجهة نظري أن هذه المقولة خاطئة، وسبب ذلك أن كلمة «عسر» لا تعني بحال من الأحوال الاستحالة, فمثلاً نقول: ولادة عسيرة, أي تمت بعد صعوبة شديدة, ولكن المهم هو تمامها, وهي مع عسرها لم تكن مستحيلة, وهناك فرق بين شيء مستحيل, وشيء عسر, فالعسر إذا صاحب أمراً ما فهو ممكن الوقوع والحصول, ولكن الشيء المستحيل لا يمكن أو يُتَصور وقوعه.
ولو عدنا إلى المقولة «اللي ما يكتب عسر» لفهمنا مكمن الخطأ, وهو أن كلمة «عسر» لا تناسب المعنى, لأن الذي لا يكتبه الله فمحال حدوثه, وليس عسيراً حدوثه. فالصحيح أن تُستبدل كلمة أخرى بكلمة «عسير»، وما أكثر الكلمات في لغتنا الغالية، لغة القرآن، أما أنا فسأقترح كلمة أراها من وجهة نظري دقيقة وتحقق المعنى المقصود، وهي «اللي ما يكتب محال».
هذا ما رأيته بخصوص هذه المقولة, وهذا الرأي أعرضه ولا أفرضه.
إلى اللقاء.