د.محمد بن عبدالرحمن البشر
في إطار حوكمة تحقيق رؤية المملكة 2030، تم وضع استراتيجية لتحقيق الهدف المتمثل في استقرار المملكة، المبني على تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والحفاظ على تماسك المجتمع في إطار القيادة الرشيدة، لينعم المواطن والمقيم بالأمن والرخاء والازدهار وحفظ حقوقه المالية والمعنوية.
والاستراتيجيات تحتاج إلى خطط تنفيذية يقوم على تنفيذها منفذون، يتم تقييم ومراجعة إنجازاتهم بصفة دورية من قبل القيادة، ويكون هناك مكتب لإدارة الاستراتيجيات للتعامل مع المستجدات التي يمكن أن تطرأ على الساحة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، ويصحبها مركز للدراسات يقوم بمتابعة المستجدات وتحليلها والعمل على استنباط القرارات الأنسب، والأجدر بالاتباع.
إن مثل هذا العمل، ولتحقيق الرؤية في إطار الاستراتيجية وبعد وضع الخطط اللازمة فلا بد من أدوات إدارية وعامله للقيام على تنفيذ هذه الخطط، وهنا يكون المواطن عاملاً أساسًا وفاعلاً، فهو الأداة المعول عليها بفكره، وجهده، وعلاقاته، وفوق ذلك سلوكه العملي والأخلاقي انطلاقًا من تعاليم الإسلام.
إن الفرد هو أساس التنمية وأداة تحقيقها في ظل إدارة حكيمة. وهو المنبع الذي منه تنبثق الأفكار، وتتلاحم الرؤى وتتلاقح المعطيات.
المواطن الذي عاش على هذا التراب الكريم، وبذل جهدًا في أمنه واستقراره تحت القيادة الرشيدة، هو نفسه المواطن القادر على تحقيق الرؤية، بمفهومها وخططها ومعطياتها، لا سيما أن أهم عناصر التنمية هو الاستقرار والبيئة المناسبة والقيادة ذات الرؤية البعيدة، وهو ما تتمتع به المملكة العربية السعودية.
الاستراتيجية تحتاج إلى تضافر الجهود، والإدراك أن هناك متغيرات عالمية تحتاج إلى تطور في أساليب الإنتاج، وكفاءته، ومفهوم جديد لقياس العطاء، وتحفيز الإبداع.
كل فرد في هذه الأرض لديه ملكة تقبع في داخله تحتاج إلى منبه يثيرها، وإذا شئنا قلنا يستفزها، فربما يكون أحدنا مبدعًا في مجال التقنية، أو التجارة، أو الإدارة، أو التسويق، أو البرمجة، وغيرها كثير، غير أنها ظلت في سبات لأنه لم يحدث لها عامل يوقظها، ويضعها على الطريق اللائق بها، رغم ما يكتنف ذلك من أشواك، فمن ظن أن الطرق دائمًا تكون سالكة، فهو واهم، فلا شيء في هذه الدنيا سهلاً ميسورًا، والناجحون هم أولئك القادرون على المثابرة، والصامدون عند الملمة، والمصابرة على العطاء، والبحث عن أساليب جديدة مع استمرار البذل عند حدوث عقبة في طريق، أو أمر يدعو إلى الضيق.
برنامج التحول الوطني، هو واحد من برامج عديدة، تشملها رؤية المملكة للوصول إلى الغاية في زمن محدد سلفًا، والبرامج تستقي من بعضها، ويكون عصبها في ظل الأمن والاستقرار بناء اقتصاد متين، ونهج اجتماعي يزخر بكثير من معطيات العصر والتعامل معها بأعلى كفاءة ممكنة.
نحن في عالم يتغير بسرعة فائقة، وهذا الواقع الذي نعيشه يتطلب مواكبة حقيقية من خلال النظر والبحث عن المستجدات العالمية في إطار الإدارة والاقتصاد والاجتماع، وبناء قاعدة بحثية قادرة على المشاركة مع دول العالم في هذا التغير الذي تشهده الساحة العالمية. المملكة تنمو اقتصاديًا بنسبة مقبولة، ويعتبر اقتصادها من أكبر اقتصاديات العالم، وأكثرها قابلية للمساهمة والتطور، وهو اقتصاد يعتمد على النفط في الأساس ومع الرؤية الجديدة، وبرنامج التحول الوطني وغيره من البرامج، سيكون النفط جزءًا يسيرًا من موارد كثيرة تصب في اقتصاد البلاد، لا سيما أن لدى المملكة الموارد الطبيعية والبشرية الجديرة بالاستغلال، التي ظلت مدة طويلة دون استفادة كافية منها.
التحولات المستهدفة في مجال الطاقة مثل إضافة الطاقة البديلة، والتحول المستهدف في الزراعة والصحة وغيرها هو تحول لاستغلال الطاقات بدرجة أكبر، وبكفاءة أعلى طالما أنها متاحة على أرض الواقع.
ورؤية المملكة، تشمل ضمن تحولاتها التأثير في نهج الفرد، وطريقة معيشته وفكره، وتغيره من النمط المعتاد الذي سار عليه مدة طويلة إلى أمر جديد يتناسب مع واقع العالم، مع الحفاظ على أسس الدين الحنيف، والقيم والأخلاق التي جبل عليها المواطن السعودي.
ندعو الله أن تتكلل هذه الرؤية بالنجاح، والتوفيق، وأن يديم علينا الأمن والاستقرار.