هاني سالم مسهور
حذفت الأمم المتحدة اسم «التحالف العربي» الذي تقوده السعودية في اليمن من لائحتها السوداء على خلفية تقرير لم يكن دقيقًا، اتهم «التحالف العربي» بالتسبب في مقتل مئات الأطفال. وجاء هذا الإجراء من الأمم المتحدة بعد نشاط دبلوماسي كبير، قاده السفير السعودي في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي، الذي كان قد حشد سفراء دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماع عاجل للاعتراض على التقرير.
نجاح الدبلوماسية السعودية في هذا المنعطف بالتأكيد يحمل دلالات مهمة، أبرزها أن التوقيت في تصويب القرار الصادر عن الأمم المتحدة لم يخضع لآليات معقدة، كما أنه - أي التقرير - جاء في توقيت زمني صعب؛ ففي دولة الكويت تجري مشاورات بين أطراف النزاع اليمنية، تعتبر حاسمة، وليس من مصلحة أحد الزج باسم «التحالف العربي» في هذا الملف غير الانقلابيين ومِن ورائهم إيران.
استخدم «التحالف العربي» معايير عالية الدرجة في «عاصفة الحزم» و»إعادة الأمل» من ناحية الأسلحة المتطورة المستخدمة، أو ناحية تحديد نوعية الأهداف، سواء الثابتة والمتحركة في الميدان الحربي، والشروط التي تلزم بها قيادة «التحالف العربي» نفسها في العملية العسكرية تستوجب استخدام نوعية متطورة من السلاح لتجنيب إلحاق الأذى بالمدنيين.
تراجع الأمم المتحدة بعد موجة الاستنكار الواسعة للتقرير أكد قدرة الدبلوماسية السعودية في التعامل مع حساسية الموقف الطارئ، بما يعيدنا إلى مواقف أخرى كان لها تأثيرها المباشر من بداية «عاصفة الحزم» ومدى الديناميكية التي تعمل بها الدبلوماسية السعودية مع الأحداث المتوالية. فبالعودة إلى قرار مجلس الأمن (2216) الصادر في 14 إبريل 2015م بعد جهد سياسي كبير، توجته الرياض بانتزاع ذلك القرار الدولي، نجد أنه هو الذي مهد لعملية «إعادة الأمل» في اليمن.
المنعطفات الحادة في الملف اليمني والكيفية التي تعاملت معها الدبلوماسية السعودية ليست بجديدة نظرًا للعلاقات الواسعة لرجال الدولة السعودية من جهة، وكل الأطراف اليمنية من مختلف الشرائح والتوجهات، سواء قبلية أو سياسية أو مذهبية. وبالتأكيد، فإن كل النجاحات السعودية في هذا المجال تعود لمدى معرفة كل طرف بالآخر، لكن القدرة القيادية الهائلة التي أصبحت علامة بارزة هي الفعل الدبلوماسي والنشاطات السياسية المتوالية، والقدرة على تعزيز موقف القيادة السياسية السعودية.
النجاح في رفع اسم «التحالف العربي» من القائمة السوداء في مقتل الأطفال لا يعني مراجعة ذاتية لكل الأطراف التي أوكل إليها أن تكشف الوجه الحقيقي للانقلابيين، ومدى بشاعة حربهم وتجنيدهم للأطفال، وحرمان مليوني طفل يمني من التعليم منذ انقلابهم في 21 سبتمبر 2014م، إضافة إلى مجازرهم البشعة في العاصمة الجنوبية عدن.. كل هذا الملف الإجرامي أُهمل من جهة الحكومة الشرعية اليمنية، ولم تقم وزارات الخارجية وحقوق الإنسان والإعلام بدورها المطلوب، بالرغم مما وفرته الحكومة السعودية لها من إمكانيات لم تستثمر بالشكل الذي يخدم «التحالف العربي».