أحمد محمد الطويان
معظم المحتوى الإعلامي الذي تنشره صحفنا وقنواتنا موجه للداخل، نحن نخاطب أنفسنا، نقنع أنفسنا، وندافع عن أنفسنا أمام أنفسنا! نخاطب الصدى ونعتقد بأن صدى القاعة الفارغة أصوات تؤيدنا!
نعم للداخل حق في المعرفة، وللداخل حق بأن نخاطبه ونوجه إليه المحتوى الذي يرفع وعيه، ليعرف ما يدور حوله وما يؤثر في مستقبله وما يزيده ارتباطاً بتراثه الأصيل، هذا إذا كنا في الأساس قادرين على مخاطبة الداخل وإيصال الرسالة له كما يجب.. نتناسى أحياناً أن هناك عربا حولنا في الإقليم والمنطقة، يجهلون عنا أكثر مما يعلمون، وهناك أعراق أخرى ودول قريبة وبعيدة لا نعيرها أي اهتمام، لا نصل إلى شعوبها ولا نتواصل مع إعلامها، وهذا ليس تقصير مستجد، بل تقصير متوارث ينمو بسرعة.
لا تجرفني موجة من يتحدثون كثيراً عن تقصير الإعلام الخارجي في بلادنا، كما لا تقنعني محاولات البعض في تضخيم أي جهد إعلامي إيجابي فردي تنقله وسائل الإعلام الغربية عنا، أريد فقط أن نعترف بالمشكلة، وعلينا أن نعرف بأنها مشكلة قديمة، لا أحد من المسؤولين الحاليين يتحملها. وإبقاء الحالة الراهنة بدون تغيير سيتحمله دون أدنى شك كل المسؤولين الحاليين المعنيين بهذا الشأن.
كيف تعبر الدول عن نفسها؟ تطورت الأدوات بشكل كبير وآليات ما قبل الحرب العالمية الثانية لن تحدث تأثيراً في هذا الزمن، واستخدام الميديا الجديدة مثل وسائل التواصل الاجتماعي تبقى أدوات ومنصات، ولا تعني تطور الخطاب واختلافه، المحتوى هو السيد، والأداة لا تغير كثيراً من مستوى الحضور إذا لم نحسن استثمارها.
نحن نعاني من ضعف كبير في صناعة المحتوى، سواء باللغة العربية أو باللغات الأخرى، ولم تعمل الجهات المعنية على تطوير مهارات الصحافيين السعوديين ليعملوا إلى جانب السياسيين في هذا المجال. ويجب أن نعترف بأننا نعاني كثيراً في صناعة محتوى صحفي سياسي لائق في مقابل المحتوى الرياضي المتميز الذي تصنعه صحفنا وقنواتنا، والمهمة كبيرة لتجاري صحافتنا رشاقة الديبلوماسية السعودية التي تحركت وأبهرت العالم.
المشكلة ليست عند صانع القرار التنفيذي، ولكن في توجيه الطاقات البشرية في الاتجاه الذي يخدم أهدافنا، وفي تأهيلها وتثقيفها والاستفادة منها، وباطلاع الصحافة على المستجدات والمطلوب منها مع كل حدث، وهذا لا يتعارض أبداً مع حرية الصحافة ولا يعتبر إملاءً أو توجيها، وهذا ما يخشاه المسؤول في الغالب، ولكنه تثقيف سياسي، وتوضيح للأمور التي قد لا تكون واضحة للجميع.
يجب أن يكون التنسيق بين الجهات السيادية المهتمة في «جودة» خطابنا الإعلامي الخارجي أكثر فاعلية، وأن لا تكون الاجتماعات مجرد نشاط بروتكولي أو بيروقراطي إن صح التعبير، فالبروتكول والبيروقراطية لا يصنعان محتوى سياسيا يمكن أن يغير الصورة الذهنية أو يصحح الأفكار السائدة.. المؤلم أن لدينا جهدا عظيما سياسياً، ووزير خارجيتنا يبهر العالم بقوة حجته وديبلوماسيته الراقية، ولدينا وزارة إعلام تعيد ترتيب أوراقها، ولدينا طاقات بشرية متميزة ولكن لم نستفد عملياً من كل هذا.. نحن باختصار بين يدينا قضايا عادلة ولكن المحامي فاشل!