ماجدة السويِّح
بكل زهو وفخر غرد دونالد ترامب كرد فعل متوقع على مذبحة أورلاندو في ملهى ليلي للمثليين مقدراً للمهنئين ثقتهم بصحة موقفه ورأيه بشأن الإرهاب الإسلامي المتطرف الذي يهدد أمن أمريكا. في الوقت ذاته وظف المذبحة للنيل من خصومه حيث دعا أوباما للتنحي بعد هجوم فلوريدا، لتجاهله الإشارة للإسلام الراديكالي في بيانه، كما نال من منافسته هيلاري كلينتون.
استغلال الأحداث وتوظيفها إستراتيجية اتبعها ترامب خلال حملته الانتخابية للنيل من خصومه وإثبات صحة موقفه. بلهجة الواثق المتيقن من مواقفه السياسية جاءت هذه الحادثة لتدعم حملته مجانا، وتعيد آرائه العنصرية إلى الواجهة، وتثير بعض ردود الفعل والتساؤلات للمشككين بآرائه حول المسلمين والإسلام.
مدير ومهندس حملة ترامب «كوري ليواند وسكي» نجح منذ بداياته في خلق صورة فريدة لم يعتدها الجمهور الأمريكي، حيث أظهر صورة المرشح الأبيض الغاضب على الحال الذي آلت إليه الولايات المتحدة الأمريكية في عهد أوباما من ضعف وتخبط في السياسة الخارجية. كما دأب فريق حملته بتوظيف تصريحاته العنصرية للفت انتباه الجمهور المؤيد والمعارض لمواقفه العنصرية معاً، حيث أصبح الجمهور المعادي لعنصرية ترامب متابعاً جيداً لحملته للمناقشة أو للضحك والتندر على آرائه الشاذة.
استطاعت الحملة الانتخابية في فترة وجيزة عرض صورة الرجل الأبيض الغاضب المتوحش للفتك بكل المخاوف والتهديدات الداخلية والخارجية من أجل إعادة القوة للولايات المتحدة الأمريكية. انصب عمل الحملة منذ انطلاقها على خلق المخاوف من الثقافات القادمة لأمريكا، خصوصاً الثقافة الإسلامية التي تشكل أكبر تهديد لأمن واستقرار الولايات المتحدة الأمريكية. وتصوير المهاجرين خصوصاً المسلمين بالغزاة لتقويض أمن واستقرار أمريكا. نجحت حملة العلاقات العامة في الاستحواذ على ساعات ومساحات مجانية في وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية للحديث عن ترامب وتصريحاته العنصرية. في الجانب الآخر دعا بعض الصحفيين للتوقف عن تغطية تصريحات ترامب العنصرية كواجب أخلاقي بعد تنامي الهيمنة الإعلامية.
أكاد أجزم أن كل الملايين الـ 43 دولار التي ضخت في حملته الانتخابية لم تؤت ثمارها بالشكل المطلوب، كما خدمته مذبحة فلوريدا في تحقيق مساعيه لطرد ومنع المسلمين من دخول أمريكا. للأسف بيد إسلامية تنتمي لتنظيم داعش الإرهابي قدم عمر متين بطبق من ذهب ما عجزت عنه حملة ترامب حتى الآن في إقناع بعض الناس بخطر المسلمين على أمريكا.
بكل بساطة جاءك يا «ترامب» ما تتمنى.