رقية سليمان الهويريني
قد يحدث أن تتعرض السيارة للسرقة، ويتعرض المسكن للاعتداء، كما يحصل أن تنشل المحفظة أو حقيبة اليد، أما حين تتم سرقة شارع فهو أمر يثير التساؤل والعجب! والأعجب أن يلزم الحال تدخل أمير المنطقة وإصدار أوامره بتشكيل لجنة بدلاً من قيام المسؤولين في الأمانات والبلديات بحسم القضية ومعاقبة المعتدي وعدم إشغال الأمير بهذه الأمور المعتادة!
ولعل موضوع سرقة الشوارع أصبح شيئاً مألوفاً! حيث يمكن بكل بساطة أن يعمد أحد المتنفذين أو الوجهاء بالتعدي على شارع قائم وإدخاله ضمن ممتلكاته، وهو ما أغرى عدداً من أصحاب القصور بالتجاوز المماثل في جميع مناطق المملكة، فاستولوا على شوارع بجوار قصورهم وأغلقوها وصاروا ينتفعون منها بشكل شخصي مما تسبب بإعاقة مرور الناس، دون وازع من ضمير أو حياء أو خوف من مغبة هذا الفعل!
والأبرز بتلك الحوادث ما حصل في مدينة جدة من قيام رجل أعمال كبير بالتعدي على شارع وضمه لمنزله، وتوالت حوادث الاعتداءات المشابهة مما اضطر أمير منطقة مكة المكرمة بالتوجيه والتحرك الجدي لوقف تلك التعديات وإعادتها لوضعها الطبيعي، بعد أن قام الناس بتداول معلومات عن وجود تعديات على بعض الشوارع عبر تويتر وقنوات التواصل الاجتماعي الأخرى، وأمر الأمير خالد الفيصل بتشكيل لجنة من محافظة جدة والأمانة والشرطة، وإدارة الطرق والنقل وإدارة المرور بالمنطقة لرصد التعديات على جميع شوارع جدة، سواء بإغلاقها كلياً أو جزئياً أو إعاقة الحركة المرورية فيها. والمفاجأة أنّ اللجنة وقفت على عدد من الشوارع، فأعادت فتح 142 منها، وتبقي 11 شارعاً مغلقةً لدواع مرورية.
الجميل في الأمر أن قنوات التواصل الاجتماعي صارت تقوم بالرقابة والتبليغ، ويتعاون المخلصون والناشطون على المتابعة الدقيقة، والأجمل هو تفاعل المسؤولين معهم والتحقق من تلك الموضوعات المتداولة والحرص على الرد عليها أو دحضها.
ولعل من العدالة معاقبة المعتدي بغرامة مالية تصرف على تحسين الشوارع والأحياء المتضررة، وكذلك محاسبة الموظف المسؤول المتستر على التعديات لأنه مشارك في التعدي سواء كان متغاضياً أو مستفيداً أو متخاذلاً.
ومن الإنصاف تكريم المواطنين الأمناء الذين لفتوا نظر المسؤولين لتصحيح هذه التعديات وغيرها من التجاوزات، ومن الجميل تسمية الشوارع بأسمائهم ليكون دافعاً للباقين لنهج هذا الطريق الوطني أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر.