فوزية الجار الله
أعلم تماماً بأن أوضاعنا في عالمنا العربي والإسلامي في هذا الزمن قد تغيرت تماماً ولم تعد كما كانت في السابق، تلك حقيقة يعيها ويدركها الكثيرون بدرجات متفاوتة.
لم يبدأ هذا التغيير منذ بدأت الثورات العربية فيما يسمى بالربيع العربي لكن كان لذلك إرهاصات ومقدمات بدأت منذ سنين، فقد كنا نرى تردياً في بعض الأوضاع وتراجعاً في بعض القيم والمبادئ التي تساهم في تماسك دولنا العربية والإسلامية، فخلال سنوات مضت كم قرأنا تلك العبارة التي رددها كثير من الكتاب والمفكرين والمصلحين (أُكلتُ يوم أُكلَ الثور الأبيض) ولا حياة لمن تنادي! وفي هذا المسار يساهم الإعلام المناهض بشكل خفي في تكريس تلك النظرة الدونية للعرب فيما يشبه الحرب النفسية بهدف بث الضعف والتراخي بين صفوفنا وفقدان الأمل في أن هذه الأمة ستعود بإذن الله أكثر قوة وتماسكاً.
فعلى سبيل المثال هناك برنامج أسبوعي في قناة (البي بي سي العربية) تقدمه سيدة عربية بعنوان «دنيانا» هذه المذيعة غالباً تقدم حواراً مع سيدات عربيات مثقفات ليتم طرح موضوع يتكرر لكن بصيغ وعناوين مختلفة يؤكد فكرة أن عالمنا العربي اليوم من المحيط إلى الخليج أصبح متشرذماً ممزقاً، أصبح موطناً للنزاعات والحروب الأهلية ولتصدير الإرهاب فما هو الدور الذي يمكن أن تقدمه المرأة لأجل الإصلاح في هذا المجال؟ وهي هنا لا تقول الحقيقة، لا تتطرق إطلاقاً إلى أبعاد هذه النزاعات الموجودة في بعض الدول ولا إلى أسبابها الحقيقية.
فقد ذكرت المذيعة مؤخراً في إحدى حلقاتها بأن الأوضاع في سوريا بدأت بثورة ثم انتهت بحرب أهلية!! وهي في هذا السياق لا تذكر إطلاقاً الدول الداعمة والمحرضة لهذه الحرب مثل روسيا وإيران!
وأيضاً مثل ذلك الكاريكاتير المتداول مؤخراً الذي يقول باختصار بأنه (إذا اجتمع خمس من الصينيين كتبوا حكمة، وإذا اجتمع 5 من اليابانيين اخترعوا آلة،.. الأمريكيون يخرجون فيلماً،.. الفرنسيون يؤلفون كتاباً أما العرب فيشكلون 5 طوائف و5 أحزاب و5 قوانين، يعلن كل واحد منهم هو الرئيس ودون جلسة نقاش واحدة، تبدأ التحالفات ثم الخصومات، ثم الفتنة والتكفير، ثم استيراد الأسلحة وتبدأ المعركة!).
هذا غيض من فيض مما يقدمه الإعلام من تزييف للحقائق، أعلم أن أوضاعنا العربية لم تعد كما هو عهدنا بها في السابق لكن ما هو الحل؟ هل هو في جلد الذات والبكاء على الماضي التليد المجيد والاستسلام للاكتئاب، أبداً فأمتنا العربية لم ولن تموت، هي أمة ذات أمجاد وقيم عظيمة، ليس من العقل أو المنطق أن نقيم لها سرادق العزاء وفي أعماقها نبض الحياة، وفي قرآننا العظيم ما فيه تأكيد لذلك {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}. {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}.