حمّاد السالمي
هذا سؤال طرحته في المجلس الشهري لمحافظة الطائف قبل أسبوعين فارطين. المجلس ينعقد منتصف كل شهر برئاسة المحافظ، ويحضره كبار المسئولين ورجال الأدب والثقافة والإعلام، ويتناول بالنقاش ما يهم الناس في الطائف المدينة والمراكز التابعة لها. كنا نناقش ضرورة التوسع في تنظيم المهرجانات الموسمية، ابتداءً من مهرجان الربيع الذي نفذ هذا العام؛ وصولًا إلى مهرجان الورد في الأيام القادمة، ثم العسل والرمان والعنب. لم يغب عن الأذهان تاريخ الطائف العريق مع الرياضة، والفنون الشعبية، والطربية، والسينما والمسرح، وما تمتاز به من موروث إنساني عظيم أعطاها قيمة جمالية وسياحية منذ عصرها الجاهلي حتى اليوم. قلت: لماذا لا نهتم بهذا الجانب المشرق في تاريخ الطائف..؟ لماذا لا تُنشط الفعاليات الرياضية والفنية والشعبية خاصة في مواسم الصيف..؟ ثم أين حقنا نحن في الطائف المأنوس من هيئتي: (الرياضة والترفيه)..؟
* هذا السؤال مشروع للطائف ولكل محافظة ومدينة على التراب الوطني، لها تاريخها وأسبقيتها السياحية. بل من حق (المدن الطرفية)خارج دائرة المدن الكبيرة: (الرياض وجدة والدمام) مثالًا؛ أن تنال نصيبها من البرامج الرياضية والترفيهية التي تنفذها هيئتا الرياضة والترفيه اليوم في المدن الكبيرة. بل إن محافظات ومدناً مثل الطائف وعسير والباحة وجازان على سبيل المثال؛ هي الميدان الأمثل لإيجاد حراك فني شعبي وطربي، ولفت أنظار المواطنين صوب جماليات فنونهم الشعبية والموسيقية والطربية، وأهمية العناية بما يملكون من موروث شعبي حرفي وأثري، واستثماره سياحيًا، فالطائف على سبيل المثال رائدة رياضيًّا وفنيًّا منذ عشرات السنين، وهي سابقة لغيرها من المدن سياحيًّا في المملكة، وظهرت فيها أندية رياضية قبل غيرها.
* إن الطائف التي تتمثل اليوم رياضيًّا بنادي (وج) الذي أسسه الوجيه (نايف العصيمي) عام 1369هـ، ونادي عكاظ من بعده؛ هي التي عرفت في عقود مضت عدة أندية وفرق رياضية مثل: (زهرة الربيع، والكواكب، والتضامن، وأشبال المنصور العسكري، وبَرَد، والمصيف، وثقيف). يضاف إلى هذا سباق الخيل والهجن السنوي الذي اشتهرت به الطائف منذ عشرات الأعوام. هذا التاريخ الرياضي المشرّف للطائف المأنوس يدعونا للطلب من هيئة الرياضة أن تلتفت لرياضة الطائف، وأن تمنحها حقها من العناية والرعاية، ومن برامج الحراك الرياضي الذي يدعم سياحتها ومناشطها الأخرى صيفًا وشتاءً.
* والطائف مدينة الفن الأصيل منذ القدم؛ فكان فيها إلى ما قبل أربعين عامًا ثلاث عشرة دار سينما، وظهر منها وبرز فيها كبار ومشاهير الفنانين أمثال: (الشريف هاشم، وطارق عبد الحكيم، وطلال مداح، وعبد الله محمد) وغيرهم عشرات. وهي تتربع على قمة الفنون الطربية والشعبية والمسرحية من حيث الكم والكيف، فالمجرور الطائفي الشهير وحده يتقدم غيره بعشرات الألحان. وقس على هذا ما نعرفه وما لا نعرفه عن الفنون الشعبية في عسير والباحة وجازان، وفي غيرها من المدن في الشمال والشرق والجنوب من تلك التي تقبع في زاوية اسمها (المدن الطرفية). هذه (الطرفية) يجب أن يُلتفت إليها بجدية من خلال النفث في طاقاتها التراثية والفنية والجمالية الكامنة، لمواكبة العهد الجديد مع السياحة العالمية الذي سوف تشهده المملكة قريبًا.
* تنشط هيئة الرياضة مع كثير من الفرق في المدن الكبيرة، فتدعم وتوجه وتصحح المسار الرياضي، وتوسع من مجالاته لشباب الوطن الذي يتطلع إلى المزيد من هذا النشاط المحمود للهيئة. نحن أيضًا في مدن طرفية كثيرة كانت رائدة رياضيًا، وتملك الجدارة لحاضر ومستقبل رياضي واعد، ولها دورها وإسهاماتها في دعم الأندية الرياضية الكبيرة في المملكة بالعناصر والكوادر من اللاعبين الذين أثبتوا وجودهم وجدارتهم.. نحن أيضًا نسأل ونقول: أين حقنا فيكم يا هيئة الرياضة..؟
* ومن حق هيئة الترفيه علينا كمواطنين أن نشيد بنشاطها وبرامجها؛ فما قدمته من فعاليات خلال مدة وجيزة يدل على قدرتها وكفاءتها، وعلى فهمها لمتطلبات المرحلة، وإدراكها لحاجة المجتمع إلى حراك ثقافي نوعي مختلف، ومن تابع وشهد فعالياتها هذه في الرياض وجدة والشرقية يتمنى أن تتوسع في أدائها، وأن تصل بهذا الزخم إلى مدن كانت قبل اليوم وما زالت وجهة سياحية، ومقصدًا للباحثين عن الراحة والاستجمام، وكانت الطائف، وكانت عسير، وكانت الباحة؛ أماكن تقصدها الأسر من كل شبر في المملكة، فتبعث في نفوسهم البهجة والسرور. نسأل اليوم؛ ومن حقنا أن نسأل: أين حقنا فيك يا هيئة الترفيه..؟
* في الطائف وفي كل مدينة (طرفية) كفاءات وطاقات بشرية، لا ينقصها سوى التحفيز والدعم والتشجيع، لكي تبرز ثقافتها، وتستثمر موروثاتها الإنسانية، وهنا يأتي دور هيئتي: (الرياضة والترفيه)، ذلك أن لكل مدينة وقرية حقها في نشاط هاتين الهيئتين.