إبراهيم عبدالله العمار
ما هي السعادة؟
تختلف الإجابة من شخص لآخر، لكن هناك شيء قد لا تتوقعه: لا توجد سعادة كاملة مهما كانت فكرتك عن السعادة، ومهما ظننت أن سعادتك لا ينقصها إلا شيء معين (مال أكثر، ظروف أخرى، إلخ)، فالسعادة ليست مطلقة، ولن تكون كذلك أبداً.
ما هو المقصود بذلك؟ الأمر بسيط: كلمة «السعادة» لها معنى تجريدي عند الكثير من الناس، إنها شيء هلامي لا يُدرَك كُنهه، وهذا الشخص لا يعرف بالضبط ما هي السعادة، ويرى أنها لو أتت فسيميزها فوراً، ويظن أن بعض التحسينات في وضعه ستعطيه السعادة القاطعة، فلو كان مثلاً أكثر مالاً أو حظاً أو نساءً لكان سعيداً، أو لو اختفى من حياته المشكلة الفلانية أو الزوجة النكدية أو المدير المزعج وما شابه، وهذه كلها لها تأثيرات معينة، لكنها لن تكون الإجابة النهائية ولا الدواء الشافي.
إذا تركتَ يومك بلحظاته المتفرقة تفوتك، فقد فاتتك السعادة، السعادة الحقيقية المحسوسة لا تلك التجريدية المبهمة التي لا تعرف مبدأها ومنتهاها. أرى امرأة تأتي كل يوم بلا توقف لتطعم القطط الجائعة في حديقة عامة مجاورة، ومنظر هذا العمل المُحسن يسعدني، وأحرص أن أعيشه قدر استطاعتي، أن أستغرق في الموجات الإيجابية التي تبثها هذه النبيلة للكون كل يوم. هل تتلذذ بذاك الكوب الساخن صباحاً؟ هل هبّت نسمة هواء عليلة اليوم؟ هل رأيتَ أمك أو أباك أو طفلتك أو صديقاً أو قريباً اليوم؟ أم لعلك تحركتَ أكثر من أمس وكافأت جسدك بجرعة من المشي؟ هل كنت تمشي وداعبتك رائحة جميلة؟ أكلت وجبة لذيذة؟ اللحظات الصغيرة كهذه متعددة في حياة البشر اليومية، لكن الكثير تفوته لأنه لا يعيشها ويستمتع بها ويعطيها قيمتها الحقيقية! وربما هو على جواله ويترك اللحظة تأتي وتُولّي بلا اكتراث.
كن حاضراً! أن السعادة...جزئية. إنها قطع صغيرة من اللحظات المتفرقة خلال يومك، فإذا أغمضت عينيك عنها وانتظرت «السعادة» الكاملة، فسيطول انتظارك!