مكة المكرمة - خاص بـ«الجزيرة»:
لا يخلو بيت إلا توجد به خلافات ومشكلات وبالذات بين الزوجين، وغير الطبيعي أن تخرج تلك المشكلات عن معدلها الطبيعي أو عندما تصبح العنوان السائد في حياة الزوجين.
ولاشك أن تزايد وتفاقم الخلافات الزوجية تكثر بسببه مشاعر الحقد والكراهية بين الزوجين، وربما انتقالها إلى أطفالهم مما يتسبب في تفكك الأسرة وزيادة الأحقاد في المجتمع، مع تعرض الأطفال لأزمات نفسية خطيرة قد تدفعهم إلى الإقدام على تصرفات خاطئة عليهم وعلى مجتمعهم.
وفي تعاليم الدين الإسلامي الكثير من النصوص الشرعية في الكتاب والسنة النبوية التي تسهم في رأب الصدع، ومعالجة المشكلات.
«الجزيرة» التقت عددًا من المختصين والمختصات في الشأن الاجتماعي والأسري، للتحدث حول كيفية تطبيق المنهج الإسلامي النبيل في المجتمع، والدور الذي يمكن أن يقوم به الحكماء والمصلحون في هذا الشأن؛ فماذا قالوا؟
الأمان الأسري
بداية تحدثت الأستاذة الدكتورة هيفاء بنت عثمان فدا رئيسة مجلس إدارة جمعية يُسر للتّنمية الأسريّة بمكّة المكرّمة، قائلة: لكل وطن صغر أو كبر مكان يمثله وشخوص تحيا فيه و لأجله تحميه وتحتمي به، والأسرة كذلك وطن وإن صغر مكانًا وعددًا؛ له روابطه ونظمه الحياتية والخلقية والاجتماعية التي يحتكم إليها أفراد هذا الوطن من قطبيه الكبيرين (الأب - الأم) والأبناء.
في هذا الوطن يبرز الأمان وطناً آخر يمثل الاستقرار والسكينة والسكن المعنوي لأفراد الأسرة المسلمة من الأبناء خاصة والأسرة الآدمية عامة.
لكن، لماذا يمثل الأمان الأسري وطنًا أصغر للأبناء؟، لأن الأمان يعني السلام للمكان والإنسان بهذا التصور الكيفي:
- الأمان مساحة واسعة تنمو فيها الأفعال ورداتها البينية داخل الأسرة مايعزز مفهوم الوطن الحي، والأمان وثاق للصلات الاجتماعية مما يعزز اللحمة الأسرية بارتباط متين وجليل، والأمان تعبير صريح عن جوهر الإسلام بممارساته الأصلية القائمة على الرحمة والسلام. وتضيف د. هيفاء فدا: الأمان الأسري حقًا هو الوطن الأصغر للأبناء ينير لهم الظلام ويعضد الوئام ويديم الألفة والسلام ناهيك عن تعاليم الإسلام من الكتاب والسنة التي توطر للأمان الأسري كما في التشريعات التالية بعناوينها الكبيرة العميقة:
- قيمة الزواج {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
- كفالة الرزق من الله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم}.
- المسؤولية الإسلامية (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ.. والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا). (أخرجه البخاري).
- خيرية الرجل لأهله خيرية قيمية يقول -صلى الله عليه وسلم-: (خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي). (أخرجه الترمذي، وصحّحه المنذري).
- أجر العيال إن قلّ المال قوله -صلى الله عليه وسلم-: (وأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ.. وعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ). (أخرجه مسلم).
- أجر الإنفاق على الأهل يقول -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بهَا وجْهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حتَّى ما تَجْعَلُ في فَمِ امْرَأَتِكَ). (أخرجه البخاري) وعلى ضوء هذه النصوص الواردة من القرآن والسنة يقع الدور على الحكماء والمصلحين في توضيح مصاديق هذه التشريعات من الأقوال والأفعال لكل مكونات الأسرة كي يحل الأمان ويتم السلام، مع التوكيد على أن الأمان الأسري وطن مصغر للأبناء لأنه السور والفناء والغطاء والوقاء لهم وطن قطباه أب وأم لهما مهام وعليهما يقع كبير الهم.
آثار سلبية
وتؤكد الدكتورة سوسن رشاد نور إلهي المستشارة النفسية الزوجية والأسرية بجمعية يُسر للتّنمية الأسرية بمكة المكرمة: أن للطلاق آثاراً سلبية عديدة تلحق بجميع أفراد الأسرة من زوج وزوجة وأولاد وبنسب متفاوتة، وترافقه ضغوط نفسية ومجتمعية شديدة تُلحق أضراراً بجميع أفراد الأسرة المفككة؛ فبالنسبة لآثار الطلاق على المرأة تكمن في مُعاناة المرأة من الضغوط الماديّة، ويكون ذلك بشكلٍ خاص في حال كانت هي الحاضنة لأطفالها وتتكفّل برعايتهم بدون مساعدة من طليقها، ومُعاناتها عاطفيّاً من شعور بالوحدة والأذى وعدم الأمان العاطفي، والضغوط المجتمعيّة والنفسيّة التي تُعاني منها المرأة نتيجة نظرة المجتمع المتخلِّفة والقاسية للمرأة المُطلّقة، وعدم الإقدام على الزواج منها، وإطلاق التهم والأحكام عليها بأنّها ليست شخصاً جيّداً، وغالباً ما تشعر المرأة بالذنب والقلق تجاه أطفالها نتيجة تفتيت الأسرة وبشكلٍ خاص في حال كانت هي من طلب إنهاء الزواج والطلاق من زوجها، كما أنَّها قد تشعر بهذه المشاعر حتّى لو كان قرار الطلاق خارجاً عن إرادتها تماماً، فقد تلوم نفسها بالتقصير وعدم المُحاولة بشكلٍ كافٍ لاستمرار علاقة الزواج وإنجاحها، والإصابة بالاكتئاب فغالباً ما تشعر المرأة بالحزن الشديد نتيجة لفقدان زوجها بشكلٍ مُفاجئ، حيث يعني هذا نهاية لحياة الاستقرار مع زوجها، كما قد تشعر بالقلق والتوتُّر بشكلٍ كبير من المستقبل المجهول، ومعاناة المرأة وحزنها الشديد في حال حرمانها من أولادها، إذا كانت حضانتهم لأبيهم.
أما آثار الطلاق على الرجل، فتكمن بصعوبة الاندماج من جديد في المُجتمع والعائلة، والضغوط النفسيّة والاجتماعيّة التي تُصاحب مرحلة الطلاق والتي قد تؤدّي لعدم قدرة الرجل على الاستقرار بوظيفة ما، وقد يتفاقم الأمر لحد فقدانه لوظيفته، ومُعاناة الرجل من حالة نفسيّة سيّئة والشعور بالإحباط واليأس، وقد يصل الطلاق بالرجل إلى الانحراف وتناوُل المخدّرات والخُمُور كمحاولة منه لنسيان مشاكله، ومشاعر الوحدة العاطفيّة حيث يصعب على الرجال العيش بدون شريكة حياة مُقارنةً بالنساء، والبُعد عن الأولاد ومُعاناة الرجل من قلّة التواصل في حال كانت الحضانة لأمّهم، ممَّا يُشعره بأنّه أصبح بعيداً عنهم ولم يعد جزءاً مهمَّاً في حياتهم ولم يعد بإمكانه مشاركتهم حياتهم والأحداث المهمّة فيها، وسيكون عليه رؤيتهم في مواعيد محدَّدة، وغالباً ما يندم الرجل على وقوع الطلاق بسبب ما وما خلَّفه هذا الطلاق من آثار سلبيّة على حياته وحياة عائلته، وغالباً ما يواجه الرجل صعوبات في خوض تجربة الزواج مرّةً أخرى ورفضه من قِبَل المجتمع بوصفه رجلاً مطلّقاً لهُ ماضٍ.
أما آثار الطلاق على الأطفال؛ فغالباً ما يكونون هم أكثر المتضرِّرين من الطلاق، حيث يكون وقع انفصال والديهم مؤلماً وصعباً جدّاً عليهم وبغض النظر عن عمرهم.
ومن هذه الآثار، إحساس الأطفال بالفقد، حيث إنّ الانفصال عن الوالدين لا يعني فقدان المنزل بل فقدان الحياة بأكملها، والشعور بالغربة وعدم قدرة الطفل على الانسجام مع الأسرة الجديدة في حال تزوّج أحد الوالدين، وشعور الطفل بالخوف من أن يتركه والداه وحيداً، فهو يظن أنَّ ترك أحد والديه له قد يعني ذهاب الآخر أيضاً، وشعوره بالغضب من أحد والديه أو كِلَيْهِما بسبب الانفصال، وقد يشعر الطفل بالذنب والمسؤوليّة عن انفصال والديه، حيث إنّ الطفل قد يعتقد أنّ السبب في طلاق والديه يعود إلى شيء قام بقوله أو فعله، وهذا الاعتقاد قد يصل به إلى الشعور بالذنب والإحباط، مع شعور الطفل بعدم الأمان والغضب والرفض، وربما شعوره بالتشتُّت بين الأب والأم.
المصلح الأسري
وتشير الأستاذة رويدة بنت محمد صديقي-المستشارة القانونية بجمعية يُسر للتّنمية الأسرية: إنه في ظل الأوضاع الراهنة وزيادة معدلات الطلاق بطريقة مفزعة لابد لنا من تسليط الضوء على دور المصلح الأسري والذي يعتبر ركيزة أساسية لتعزيز مبدأ الصلح القائم على إحياء وتعزيز العلاقات العائلية، لذلك قامت الدولة مشكورة بتوفير مكاتب الإصلاح والتوجيه الأسري في المحاكم والتي تحال لها القضايا الأسرية قبل إحالتها للقاضي؛ لتقريب وجهات النظر فيما بين الزوجين ومحاولة الوصول إلى صيغة تراضٍ بين الأطراف المتنازعة وإنهاء القضايا قبل الرفع بها إلى القضاة للنظر فيها. مع التنويه على ضرورة التزامه بالضوابط الشرعية والقانونية والاجتماعية، مع ضرورة انتداب حكمين من أهل الزوج والزوجة لما في ذلك أيضاً دعم كبير في احتواء المشكلة.
ولابد أن يكون المصلح الأسري مؤهلاً تأهيلاً علمياً ونفسياً واجتماعياً، ولديه دراية تامة بالدين والشرع والعادات والتقاليد، والتعامل مع القضايا الأسرية بأسلوب يتناسب مع خصوصية المجتمع المحلي، وللأسف في بعض الأحيان وبسبب عدم أهليه المصلح تتفاقم بعض الخلافات الأسرية بدلاً من حلها. في الجانب الآخر مازالت هناك فئة في المجتمع ترى تدخل المصلح الأسري نوعاً من العيب الاجتماعي وإفشاءً لأسرار الأسرة، لذلك لابد من نشر التوعية بأهمية الإصلاح الأسري في حال ظهور أي مشكلة عائلية عجز أطرافها عن حلها.
حياة أسرية
وتبين الأستاذة تغريد بنت حسن قاروت المستشارة الأسرية بجمعية يُسر للتّنمية الأسرية - ماجستير توجيه وإرشاد تربوي جامعة الملك عبدالعزيز:أن الشريعة الإسلامية شملت الحياة الأسرية بجميع جوانبها فهي تلبي حاجات الأسرة كتنظيم اجتماعي يسعى لتوفير حياة طيبة ماديًّا وصحيًّا ونفسيًّا، فإذا كانت الشريعة تتطلب أن يلتزم بها أفراد الأسرة فإن الأسرة لا تستقيم أمورها بغير الدين، وقد تنبهت المجتمعات الحديثة إلى العوامل التي تزيد من قوة وكفاءة الأسرة ويأتي الدين في مقدمة هذه العوامل، ذلك أن الدين يتفاعل تفاعلًا ديناميكيًّا مع أنماط الثقافة ويترك بصماته على الأفراد والجماعات والمجتمع ككل.
ومن هنا يأتي دور الحكماء والمهتمين والمصلحين وأهمية تكاتف الجهود لوضع الخطط والمقترحات لحماية ووقاية الأسر من الانحراف والتفكك:
* تكثيف الدراسات والبحوث التي يقوم بها الباحثون والمتخصصون في مجال الأسرة.
* الاجتهاد في وضع القواعد والمبادئ الإسلامية الخاصة بالأسرة في قالب بسيط يسهل تناوله.
* تسليط الضوء على بعض الأسر المسلمة المعاصرة الناجحة والاستفادة من خبراتها.
* توجيه أفراد الأسرة إلى أفضل الأساليب الحديثة والمستجدة لحل الخلافات الأسرية، وزيادة درجة الوعي لديهم.
* القيام بحملات توعية لغرس القيم والمبادئ النبيلة بين أفراد الأسرة والتمسك بكل ما يفرضه علينا ديننا الحنيف.
* بيان أهمية مواكبة المتغيرات التقنية والرقمية للأسرة بما يتناسب مع القيم الإسلامية.
لا حياة بلا مشاكل
ويتفق الأستاذ هاشم عبدالرحمن مصطفى البار ماجستير في التوجيه والإرشاد الأسري، ومستشار أسري بجمعية يسر للتنمية الأسريه بمكة، ومركز عين اليقين بجدة: إلى أنه لا يكاد يخلو بيتٌ من المنغصات، ولكن يكثر في هذا، ويقل في هذاك، ويواجه في هذا بالحكمة، وفي الآخر بالتهور، لذلك شرع الله لنا أسبابًا لحل الخلافات ومعالجة أوضاع تلك النزاعات فهذه المشاكل قد تكون عاملًا من عوامل الحوار والتفاهم خصوصًا إذا تم التعامل معها بأسلوب وطريقة مناسبة وإيجابية، ولحل الخلافات خطوات من خلالها تساهم في معالجتها والتخفيف منها: أن يتفهم الزوجان أن هذا الأمر هل هو خلاف أم سوء فهم فالتعبير عن حقيقة مقصد كل واحد منهما بشكل واضح ومباشر يساهم في إزالة الخلاف وسوء الفهم، وحصر الخلافات بينهما قدر المستطاع وعدم توسيع دائرتها فباتساعها يصعب حلّها وتكون آثارها أوسع وأوجع، مع التركيز على تحديد موضوع النزاع وعدم الخروج عنه بفتح ملفات قديمة أو تراكمات سابقة أو تجاوزات مؤلمة، والاتفاق على ذكر نقاط الاتفاق بينهما فتطرح الإيجابيات والحسنات للطرف الآخر عندها تقترب وجهات النظر ويحصل التنازل للطرف الآخر (ولا تنسوا الفضل بينكم )، مع الحذر كل الحذر من المبادرة في وضع الحقوق أمام الطرف الآخر والأخطر تضخيمها أوجعل حقوق الطرف الآخر ليست واجبة، والاعتراف بالخطأ بكل شفافية وعدم التردد فيه فيكون عند كل طرف الشجاعة والثقة بالاعتراف بخطئه ويعزز الطرف الآخَر شكر ذلك والثناء عليه ويحسب ذلك من إيجابيات وحسنات الشريك، والصبر على بعض الصفات والطبائع المتأصلة في المرأة مثل الغيرة كما حدث مع الحبيب المصطفى عندما كسرت أم المؤمنين الصفحة فقال الصادق المصدوق (غارت أمكم) فقدر حالها وطبيعتها، وكذلك الرجل تقدر طبيعة شخصيته وطبيعته، والرضا بما قسم الله لهما من جميع النواحي المادية والجمالية فتحمد الله، مع الحذر كل الحذر من المبادرة في حل المشكلات الزوجية وقت الغضب والانفعال، ويجب التريث حتى تهدأ النفوس وتبرد الأعصاب (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملكه نفسه عند الغضب)، والتنازل عن بعض الحقوق، فمن الصعوبة حلّ الخلافات إذا تمسك كل طرف بجميع حقوقه، والتكيف مع بعض الخلافات فبعض الخلافات لن يكون حلّها جذريًّا ولكن قد يكون حلها مع الأيام فتتلاشى وتخف حدتها، وغض الطرف عن الهفوات والأخطاء والزلات الصغيرة وغير المقصودة، فمن ذا الذي ماساء قط ومله الحسنى فقط، كما أن للمرأة عيوبًا، وللرجل عيوب، فمن مكارم الأخلاق، وجميل المعاشرة؛ أن لايفرك مؤمن مؤمنة أي: لايبغضها، ولايقليها، ولايجفوها؛ إن كره منها خلقاً رضي منها آخر.
الحكماء والمصلحون
أما دور الحكماء والمصلحين، فيقول الأستاذ هاشم البار: بعد أن يُلم بكافة تفاصيل الخلاف من كلا الزوجين، ويجمع المعلومات بهدوء وتفصيل لمعرفة أي من الطرفين هو المخطئ، ويتحدث مع الزوجين بهدوء ومواجهة كل منهما بالخطأ الذي ارتكبه فيُقارب وجهات النظر، ويزيل أسباب الشقاق والبغضاء ويذكرهم بعظم هذا الرباط العظيم ويقوم وضع نقاط الخلاف، وحل كل مشكله على حده، وأخيراً الصدق في الصلح لأنه بركة في الإصلاح قال تعالى: {إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا}.
أسباب الخلاف
ويذكر الأستاذ أنس بن حسن عاشور المستشار الاجتماعي والمتخصص في مجال الأسرة والطفولة: أهم أسباب وقوع هذه الخلافات والتي تؤدي في غالب الأحيان إلى عملية الطلاق هم سببان رئيسيان أولها العناد، وثانيها خروج المشكلة من الزوجين إلى أسرهما أو أقاربهما أو أصدقاء كل طرف يقوم بإعطاء النصائح والتوجيهات التي من شأنها تأزيم الأمور وتزيد من تشتت الخلاف بينهما، وكان من الأجدر والأصح هو حلها بينهما أو اللجوء إلى مختص حكيم، وقد علّمنا القرآن الكريم بأن عملية الإصلاح تكون عن طريق الحكماء من كل طرف ولم يذكر في عملية الإصلاح لا العمر ولا الأقرب أو الأكبر بل ذكر شرطًا واحدًا وهو حكمًا من كل طرف {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا }، ولو التزمنا بذلك ومحاولة الإصلاح وعدم هدم الأسرة وترك العناد والتدخل الخاطئ من أسرة كل الزوجين لصلح الحال والمجتمع وتقلصت هذه المشكلة من المجتمع بشكل كبير، وحرص كل الزوجين ببقاء الود والمعروف بينهما.