في أعماق البحار ثروات وخيرات وعالم ضخم مشّوق للاكتشاف، المملكة العربية السعودية غنية بشواطئ بحرية حالمة ممتدة على كل من البحر الأحمر والخليج العربي يكتمل جمالها بثرائها بالشعاب المرجانية، وتكمن أهمّيتها بأنها محاضن لكثير من الكائنات البحرية، ومظهر من مظاهر السياحة البيئية. الشعاب المرجانية اليوم لوحة جمالية جاذبة مختفية في باطن الماء، وملامح الجمال سر من الأسرار، لذا تتطلب المحافظة والاهتمام، فالمحافظة عليها تعني المحافظة على البيئة البحرية والسعي لازدهارها.
فهي من البيئات البحرية الطبيعية، وهي الأكثر تنوعًا بين جميع النظم البيئية البحرية، حيث يُعتمد عليها في الغذاء والمأوى، كما أن أنصار البيئة البحرية يدركون تمام الإدراك أنها وسيلة جذب للسياحة.
تركز اهتمام البشر اليوم وعلومهم بشكل أساسي على كيفية المحافظة عليها.
واليوم تأثرت الشعاب المرجانية بأنواعها المختلفة بسبب ممارسات خاطئة وعوامل عدة من ضمنها التدخل البشري والتغير المناخي.
ومما لا يخفى أن للشعاب المرجانية أهمية بيئية واقتصادية كبيرة وقيمة سياحية، ناهيك عن كونها مصدات طبيعية تحد من تأثير العواصف على الكائنات البحرية.
تصاعدت التأثيرات البشرية المؤذية للشعاب المرجانية وتعددت أسباب تلفها، مما يسرع في خسارة التنوع الإحيائي وتلاشي مقومات الجمال هناك، لذا وجب عمل إنعاش لتلك المناطق والحد من التدهور؛ للمضي قدمًا في تسخير رؤى نظرية جديدة ومعلومات، والبحث بعمق حول الأسباب التي أدت إلى التدهور ودراسة سبل معالجة ذلك واكتشاف مكامن البحار وثرواته.
هذا الدعم والاهتمام هو ما يستند عليه المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية ويتبناه لمواجهة التحديات والحفاظ على البيئة البحرية عمومًا والشعاب المرجانية بشكل خاص.
فالشعاب المرجانية تعتبر أهم وأغنى الموائل البحرية لذلك تحظى بأولوية المسوحات لتقييم حالتها ووضعها ضمن استراتيجية التنوع البحري وضمن أولوية إعادة التأهيل للمواقع المتضررة.
يتجلى هذا الدعم بتنفيذ المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية مسحًا للنصف الجنوبي للبحر الأحمر من مدينة جدة إلى مدينة جيزان واختيار 16 محطة للقيام بأعمال المسح البحري وفي كل محطة تم القيام بتقييم للشعاب Reef Check والتركيز في المسح على بعض الأنواع المهمة.
وهذه الحملة تأتي متناغمة مع توجه المملكة العربية السعودية اليوم للسياحة والعمل على استثمارات ضخمة لإبراز تنوع الوجهات السياحية فيها واستدامتها.
وكان من أبرز جهود وإنجازات مسوحات المركز في تلك الموائل أنه تم أخذ عينات وتصنيفها من الشعاب المرجانية من المواقع وعمل تصنيف للأنواع المرتبطة بها وخاصة الأسماك الدالة على صحة البيئة، وعمل دراسة للكائنات اللافقارية في المواقع الممسوحة، مؤخرًا تم التعاون مع مختبرات جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية لتحليل العينات وتعريفها لضمان الجودة وتطوير العلم.
تجسّد من هذا العمل الحرص والاهتمام الذي يتبناه المركز في نشر التوعية البيئية على جميع الأصعدة سواء بحرية أو برية والمحافظة على الثروات والتنقيب عنها بشكل علمي لجعلها مصدر معرفة تساعد في تحقيق نهضة اقتصادية كبرى للوطن، وتناغمًا مع ركائز رؤية المملكة العربية السعودية 2030 للقطاع السياحي.