ما بين تعيين صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز آل سعود مديراً لقسم التنظيم والإدارة في وزارة الدفاع والطيران عام 1973م، ثم في وزارة المواصلات، ووكيلاً لإمارة منطقة عسير وبين تعيينه نائباً لأمير منطقة عسير وأميراً لمنطقة القصيم، وبين إمارته وحتى الآن لمنطقة الرياض 2023م هي خمسون عاماً، كانت في خدمته للوطن.
50 عاماً شكَّلت التقدير لسموه من قيادته الرشيدة، الذي كان أهلاً للأمانة والمسؤولية والواجب، فجاء معها الحب والامتنان لفيصل الحكمة والعطاء صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز آل سعود.
من تلك السنوات تسعة أعوام قضاها حتى الآن أميراً لمنطقة الرياض يسير على خطى أميرها السابق (المدرسة) الملك سلمان، يتعلم منه في تجربته في إدارة الإمارة، وفي تلك الإمارة، ثاني أكبر منطقة بعد المنطقة الشرقية، منطلق تأسيس وتوحيد هذا الوطن، القابعة في قلبه، وحين يبدأ الدوام الرسمي في الإمارة، تجد الحاجات تُعرض على الأمير الحكيم، صاحب الصبر الطويل والعقل الكبير، سواء أكانت شكاوى ومظالم أو احتياجات.
الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز سليل النبل والفضل والاعتبار والسمو والرقي في منطقة الرياض، التي اكتسبها من والده صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن عبدالعزيز - رحمه الله - الابن العاشر من أبناء الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه -، أحد أكبر أمراء الجيل الأول من الأسرة الحاكمة، الذي كان «فيصل» من نتاج مدرسته في فصول التربية النموذجية، فزفَّه إلى الوطن مثالاً للقيادة وعارفاً بالتنمية وخبيراً للريادة، والذي لا يمكن أن يمرّ مسؤول أو مواطن بالمنطقة من دون الالتقاء به والاستئناس بتوجيه.
في مجلسه الأشبه ما يكون بالبرلمان الحكومي الصغير، يدير شؤون منطقة الرياض التي تصعب في تلك الاتجاهات وما جاورها بما يتلاءم مع ما يراه ولاة الأمر الذين يعتقدون فيه أنه أحد أبرز القيادات الأميرية على الإطلاق. أمير حكيم عاش في خدمة وطنه حتى الآن خمسين عاماً، سنوات طويلة ومديدة وحافلة بالحكمة والعطاء والصبر والعمل الدؤوب مشروعه النهضوي الشامل.
عمل سمو الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز في منطقة الرياض على ثلاثة محاور: محور نشر القوانين والنظام عبر العمل الرسمي في الإمارة، ومحور دعم التنمية والمساهمة الفاعلة في البناء والتطوير عبر دعمه المتصل ورعايته المستمرة لكل المشاريع ولرئاسة سموه لمجالس المصالح وإلمامه الشامل بمتطلبات كل مرحلة، ومحور تنمية المجتمع عبر مبادرته العظيمة «تمكين المجتمع المحلي».
من يعرف فيصل يندهش من كل هذا النشاط والحيوية اللذين يجعلانه يتحرك على طول منطقة الرياض وعرضها للسعي في حاجات خدمة مواطنيه تلبية لتوجيهات قيادته الرشيدة.
تشرفت بالسلام على سموه ولقائه في أكثر من لقاء ومناسبة، حيث تتقدم منزلة الوالد الناصح وقار وجلال الحاكم الإداري، فتجده قريباً من محبيه ورعيته، يحيي هذا، ويطمئن على ذاك، مذكراً الإعلاميين بمسؤولية وأمانة الكلمة، ويشجع الأجيال على العطاء والبذل واستذكار ما قام به الآباء المؤسسون والأجيال من تضحيات وقوة إرادتهم في مجابهة تحديات ذلك الوقت الغابر الصعب.
كما يحرص سموه على تذكير نفسه والمسؤولين في أي موقع كان بالأمانة الملقاة على عواتقهم لخدمة الوطن والمواطن، ولا زالت كلماته تدوي في الذاكرة:، حيث قال: «إن جميع الإمكانات متوفرة ولم يبق علينا سوى العمل الجاد، والمخلص ومدير الإدارة والموظف إن لم يعشق عمله فلن يكون خلاّقاً، وإذا انعدمت هذه الصفة عنده فإنه سيكون روتينياً ولن يكون هناك تفوق في الأداء والمتابعة الميدانية وتكوين الفكرة لما يجب عليه عمله، ووجود الإرادة مع الإدارة معادلة ضرورية ينتج عنها الإبداع»، وكيف يمكن أن يغيّر مبدأ مسؤول وبنظرة بعيدة المدى حياة المواطنين.
في غمرة مشاغل فيصل الإدارة والتنمية ببناء الإنسان، أولى اهتماماً خاصاً بالزيارات التفقدية للمحافظات ومتابعة التنمية فيها، وسمعنا مناشداته الحارة لمحافظي المناطق ووكلائها ورؤساء الدوائر الحكومية ليقدموا واجبهم للمواطنين وتقديم الخدمة بشكل واضح وسليم، ونستذكر جميعاً ذلك القول الذهبي والتاريخي الذي وجهه للأجيال في إحدى زياراته لبيان الهدف من تلك الزيارات، عندما قال: «إن زيارتنا لكم تعكس اهتمام قيادتنا الرشيدة وتوجيهها المستمر بالاطلاع على ما يهمكم والعمل على إنجاز ومتابعة المتطلبات وتوفير سبل الراحة والاطمئنان، وإننا نؤكد سيرنا على هذا الطريق بما يحقق الأهداف التي وضعتها قيادتنا، وذلك بتضافر جهود المسؤولين، وسنعمل ونتابع تحقيق جميع المتطلبات مع الزملاء في القطاعات الحكومية الأخرى».
وبمناسبة مرور تسع سنوات على نيل صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز آل سعود شرف ثقة قيادته الرشيدة بتعيينه أميراً لمنطقة الرياض، قلت شعراً:
رفَعْتُ كفِّي إلى الرحمنِ مُبتهلاً
بأنْ يَزِدْكَ إلهي عزَّةً وعُلا
في ظِلِّكَ اكتملتْ أحلامُنا وَزَكَتْ
يا فيصلاً سكَنَ الأرواحَ والمُقَلا
أدامكَ الله يا سقفَ الطموح لنا
معنىً إذا لاح في بالِ المَدَى اكتملا
مجداً فمجداً عَبَرْتَ المستحيل ضُحَىً
فكنتَ أسرعَ مَنْ للمُشْتَهَى وَصَلَا