كتب - عبدالعزيز الهدلق:
مع انطلاق مشروع الخصخصة والاستثمار الرياضي الذي أعلنه سمو ولي العهد يحفظه الله، دخلت الرياضة السعودية عهداً جديداً ومختلفاً، وانتقلت فيه الأندية نحو مفهوم مختلف في الممارسة والأهداف. فلم يعد النادي يعمل من أجل تحقيق بطولة في لعبة رياضية، أو مجرد مشاركة مع بقية الأندية الأخرى، ولم يعد العاملون في الأندية من الهواة، وغير المتخصصين. ولم تعد الأندية تنتظر نهاية كل عام لتنال حصتها من الدعم الحكومي وفقاً لبرامجها وأنشطتها. فقد دخلت الأندية عصر الخصخصة، والإدارة الحديثة، والاستثمار، والعمل من أجل تعظيم الموارد والعوائد المالية التي تتجاوز تغطية التكاليف إلى تحقيق الأرباح. تمهيداً لدخول مرحلة الإدراج في السوق المالية.
وجاءت خطوة استقطاب نجوم العالم للأندية ضمن ذلك المشروع الوطني الكبير. حيث بدأ بالتعاقد مع كريستيانو رونالدو منتصف الموسم الماضي، ثم التعاقد مع أسماء لامعة من الدوريات الأوروبية قبيل انطلاق الموسم الحالي فجاء للدوري السعودي كبير هدافي العالم والحائز على جائزة الحذاء الذهبي الموسم الماضي الفرنسي كريم بنزيمه، ولحق به في صفوف الاتحاد مواطنه كانتي، والبرازيلي فابينهو، ثم استحوذ الأهلي على مجموعة من نخبة النجوم يتقدمهم الجزائري رياض محرز، والبرازيلي فرمينيو، وكذلك الإسباني جابري فيجا، و الفرنسي ماكسيمان، والسنغالي ميندي، والعاجي كيسيه، وانضم الكرواتي بروزفيتش إلى جانب رونالدو في النصر، مع السنغالي ساديو ماني.
وفي الهلال انضم الحارس العالمي المغربي ياسين بونو، والمدافع السنغالي كوليبالي، وتوجت صفقاته بأسطورة السامبا النجم البرازيلي نيمار دا سيلفا سانتوس جونيور.
تقديم أسطوري للأسطورة
ففي يوم الاثنين 14 أغسطس 2023 أعلن نادي الهلال السعودي التعاقد مع اللاعب البرازيلي نيمار قادماً من النادي الفرنسي الأشهر باريس سان جرمان. وأحدث هذا الإعلان زلزالاً جماهيرياً وإعلامياً كبيراً، ليس في السعودية والمنطقة العربية وحسب، بل في العالم أجمع. وتناقلت صحف العالم ووكالات الأنباء والقنوات التلفزيونية هذا الخبر بتفاصيل واسعة، وتردد اسم الهلال السعودي في كل أنحاء العالم.
وفي يوم الجمعة 18 أغسطس وصل النجم العالمي للرياض وسط استقبال جماهيري وإعلامي غير مسبوق. وفي اليوم التالي تم تقديم اللاعب للجمهور الهلالي قبيل مباراة الفريق أمام الفيحاء في 19 أغسطس بحضور أكثر من (60) ألف متفرج غصت بهم مدرجات ستاد مدينة الملك فهد الرياضية.
الإطلالة الأولى بالقميص الأزرق
وقد احتاج نيمار إلى 26 يوماً منذ وصوله الرياض ليكون بكامل جاهزيته الفنية والبدنية، وليشارك لأول مرة مع فريقه الجديد الهلال.
وكانت مباراة الهلال والرياض التي أقيمت يوم الجمعة 15 سبتمبر 2023 هي المنصة الأولى التي أطل من خلالها نيمار على الجماهير بالقميص الأزرق لأول مرة، حيث دفع به المدرب في الدقيقة (64) من المباراة التي انتهت بفوز الهلال (6/ 1).
وشارك نيمار مع الهلال بعدها في (4) مباريات. جاءت على النحو التالي:
18/ 9 أمام نافباخور (1/1)
21/ 9 أمام ضمك (1/1)،
29/ 9 أمام الشباب(2/ 0)، وقد أهدر ضربة جزاء.
3/ 10 أمام نساجي الإيراني، وسجل أول أهدافه (3/ 0 )
وكانت هذه المباراة هي الأخيرة لنيمار مع الهلال. عقب مسيرة لم تتجاوز الـ (386) دقيقة، سجل خلالها هدفاً واحداً، وصنع (5) تمريرات حاسمة.
وقد غاب نيمار عن مشاركة الهلال في (6) مباريات، نظراً لعدم الجاهزية في بعض المباريات، ولتعارض مباريات أخرى مع مشاركته ضمن منتخب بلاده في تصفيات كأس العالم 2026. وكانت المباريات المحلية التي غاب عنها كالتالي:
19/ 8 الفيحاء (1/1)
24/ 8 الرائد (4/ 0)
28/ 8 الاتفاق (2/ 0)
1/ 9 الاتحاد (4/ 3)
25/ 9 الجبلين (1/ 0) كأس الملك
7/ 10 الأخدود (3/ 0)
الغياب الدولي
غاب نيمار عن الهلال في بعض مراحل الدوري والكأس لإنشغاله بالمشاركة مع منتخب بلاده في تصفيات كأس العالم 2036. وحقق خلال هذه التصفيات لقب الهداف التاريخي لمنتخب البرازيل، كأكثر لاعب يسجل لمنتخب السامبا محطماً بذلك رقماً قياسياً بقي صامداً لعشرات السنين باسم الأسطورة التاريخي بيليه. وجاءت المباريات الدولية التي شارك فيها نيمار مع منتخب بلاده خلال تواجده في صفوف الهلال كالتالي:
9 / 9 أمام بوليفيا
13 /9 أمام بيرو
13 / 10 أمام فنزويلا
17/ 10 أمام الأوروغواي
إصابة الأربطة ونهاية الرواية
وخلال مباراة منتخب البرازيلي أمام الأوروغواي في مونتفيديو في 17/ 10 2023، ضمن تصفيات كأس العالم تعرض نيمار لإصابة عنيفة جراء دخول قوي من أحد لاعبي الاوروغواي في الدقيقة ( 47) نقل بعدها محمولاً إلى خارج الملعب للعلاج. ولكنه لم يعد بعدها، حيث تم استبداله بعدما كشف الطبيب عن عدم قدرته على العودة ومواصلة اللعب. وفي يوم الأربعاء 18 أكتوبر 2023 أعلن نادي الهلال عبر حسابه الرسمي في منصة X أن الفحوصات الطبية أوضحت تعرّض اللاعب «نيمار جونيور» لقطع في الرباط الصليبي والغضروف، على أن يجري عملية جراحية لاحقاً، وبرنامجاً علاجياً، تتجاوز مدته ثمانية أشهر.
وهكذا انتهت فصول الرواية الجميلة لنادي الهلال وصيف أندية العالم مع أسطورة السامبا نيمار.
الهلال بعد نيمار
ورغم عدم تأثر مسيرة الهلال في المنافسات المحلية والقارية بغياب نيمار، إلا أن المرحلة القادمة من المنافسات تتطلب وجود لاعب يسد الثغرة التي تركها الأسطورة في منتصف الملعب، وليس بالضرورة أن يكون لاعباً من فئة (A)، فكوليبالي، ونفيز وسافيتش، وميتروفيتش ومالكوم وحتى وميسي دلغادو ليسوا لاعبين من فئة (A) ولا حتى (B) ولكنهم أبهروا المتابعين والنقاد بعطاءاتهم، وبنجوميتهم، وبما قدموه من مستويات حافظت على تفوق الهلال محلياً وقارياً، لذلك الهلال بحاجة إلى صانع ألعاب في مركز (10) من نفس نوعية هؤلاء النجوم. فالمرحلة القادمة حاسمة، وترتفع فيها احتمالات غياب بعض النجوم المؤثرين للإصابة أو الإيقاف أو الإجهاد. لذلك لابد من أن تبادر الإدارة الهلالية لاستغلال المقاعد الأجنبي الخالي في فريقها، وتحضر اللاعب الذي يدعم الفريق هجومياً، ويفعل تواجد المدمرة التهديفية ميتروفيتش.