كثير من الدول المتقدمة تحرص على إدارة المواهب البشرية لذلك تعمل على جذب العاملين الموهوبين ذوي الخبرات العالية للعمل في المؤسسات والقطاعات العامة والخاصة لأنها تدرك تماماً أن من خلالهم يتم تحقيق التطوير والإنجاز المأمول والإنتاجية المتوقعة والأداء ذي المستوى العالي.
ما هي الموهبة الوظيفية؟
هل نعمل على استثمار المواهب البشرية وتحفيزها؟
وماهي المقاييس والمعايير التي نعتمد عليها في تحديد الكفاءات من الموارد البشرية التي من خلالها نستطيع تصنيفها إلى مواهب بشرية متنوعة يستفاد منها؟
الموهبة الوظيفية = المهارات المناسبة * الوظيفة المناسبة *المكان المناسب.
إن إدارة المواهب بالمؤسسات تساهم بشكل فعال في ضمان وجود كنز مستدام من الموارد البشرية المتجدد، كما تساهم أيضاً في بناء التعاقب الوظيفي.
واستثمار المواهب البشرية العمل أولاً على تحديد واكتشاف مجموعة من المواهب داخل المؤسسة، ثم تحديد وتبني المهارات المستقبلية التي يفترض بناؤها لدى هؤلاء الموهوبين والعمل على تدريبهم عليها وصقل موهبتهم للأفضل وتقديم التغذية الراجعة لهم أولاً بأول بكل شفافية ووضوح لأن الهدف النهوض بمهاراتهم وتأهيلهم لقيادة المستقبل، تحفيز الموظف الموهوب ليس فقط بتكريمه في نهاية الحصاد السنوي بشهادة تقدير أو درع تكريم أو كلمة شكر وثناء وإنما من خلال تكليفه بقرارات تمنحه القوة في المشاركة بالتطوير المهني داخل المؤسسة ويكون شريكاً أساسياً في التميز المؤسسي، العمل على التطوير الفعال لهم على المدى الطويل ليكونوا خلفاء محتملين لضمان النمو الوظيفي المتميز وعدم تهميشهم الذي سيقتل أبرز مهاراتهم وإبداعاتهم والخاسر الأول من ذلك هي المؤسسة لأن بدونهم ستقف عجلة التطوير ويتراجع مستوى الأداء والإنتاجية لا محالة.
وعملية إسناد المهام في المؤسسة لأصحابها من أهم العمليات وأدقها وقد يشكل عليها إذا لم يكن هناك معايير ومقاييس تساعد على عملية الاختيار، فقد يلجأ البعض في توجيه المرشحين لمهمة معينة على حسب تقديراتهم الشخصية لهذا الموظف واتباع الطرق العشوائية: كسؤال زميل معه في العمل؟ أو يسأل رئيسه التنفيذي والمباشر له؟ أو يكون هو المتقدم أو المرشح الوحيد لهذه المهمة فيقع الاختيار عليه؟ فيسند الأمر لغير أهله ويحدث التخبط في القرارات والعشوائية في الخيارات ولا يمتلك مقومات العمل فيبدأ يجول ويصول ليغطي عجزه والبعض الآخر يلتزم الصمت والهدوء ولا يخوض أي نقاشات تطويرية وإبداء رأيه حتى لا يتعرى ويلاحظ قصوره وتبدأ الصراعات والخلافات سلسلة من المداهمات والتفضيلات والمحاباة، ومن جهة أخرى قد يستقل أصحاب الخبرة ليكونوا درعاً واقياً له من السقوط لكي يضمن استمرارية الكرسي الذي أسند له.
ولكن كيف لنا أن نعالج مثل هذه الفجوات الوظيفية التي قد تحدث في بعض المؤسسات والقطاعات العامة والخاصة؟ لمعالجة هذه الفجوة نجعل أمام أعيننا مقولة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- عندما سئل عن اختيار فريق عمله ذكر» الكفاءة والقدرة وأهم شيء يكون الشغف عند المسؤول وتكون قضيته الأساسية».
كما نعتمد على مجموعة من الركائز التي تساعد على اكتشاف المواهب البشرية أهمها: -كفاءة الفريق المكلف بتحديد المواهب المتميزة بالمؤسسة.
-المعايير المعتمدة لتصنيف المواهب البشرية موضوعية ومحددة وتمتاز بالمصداقية والعدالة بحيث تكشف القدرات والمهارات لكل مرشح.
-إيجاد اختبارات تخصصية، ووضع المتقدم في محكات تقيس أداءه من خلال تكليفه في لجان تبرز مستوى مهاراته.
- يعد المتقدم ملفاً لا يقل عن 30-50 صفحة يطرح من خلالها ماذا سيقدم للإدارة المتقدم لها ويظهر الملف بصورة مقنعة للجنة الخبيرة التي ستعمل على دراسة جميع ملفات المتقدمين دون الاطلاع على أسماء أصحاب الملفات.
-المقابلات المقننة أي أن المرشح أثناء المقابلة يكون مستعداً للإجابة على أسئلة المقابلة المعلنة بشكل مسبق بحيث يكون قادراً على طرح أفكاره وإقناع اللجنة بها ويكون بعيداً عن عنصر الأسئلة الفجائية التي يتعرض لها أثناء المقابلة مثلاً يقدم المرشح لإدارة المشاريع دراسة عن وضع المشاريع المتعثرة والحلول المقترحة وفي هذه المحطة تستطيع اللجنة أن تقيس شغف المتقدم وإيمانه بالقضية.
-الأخذ بعين الاعتبار التاريخ الوظيفي والخبرات الوظيفية التي مر بها.
وبعد هذا المشوار الطويل يتسنى لأي مؤسسة إسناد الأمر لأهله.
الموظف الموهوب منتج يضيف قيمة نوعية ويزيد من إنتاجيتها يصعب استبداله وتحتاج المنظمة بجانب استقطاب الموهوبين واستثمارهم إيجاد استراتيجيات استبقاء الموظف الموهوب والاحتفاظ به كنظام المكافأة على الأداء العالي، توفير فرص التنمية، الاعتراف بقدراتهم يساعد على بقائها واستدامتها، تميزهم بالتكليفات المناسبة لخبراتهم.
إن تبني نظام إدارة المواهب البشرية واعتباره جزءاً من العملية الإدارية يعمل جنباً إلى جنب للنظام الكلي للمؤسسة يمكنها بوجود قاعدة بيانات مصنفة للمواهب الموجودة لديها بحيث في حالة الاحتياج الرجوع بشكل مباشر لهذه القاعدة وتوجيه المواهب المناسبة للوظيفة المناسبة للمكان المناسب.