إن مستقبل الأمَّةُ الوضاء لا بُدَّ أن تفتح له كافَّة الأبواب والنوافذ أمام كافة العلوم والمعارف فالعقول المبدعة هي أغلى ما ينبغي للأمَّةِ أن تصنعه، ثمَّ تصونه بعد أن تهّيىء لهذه العقول البشريَة مجالات الفعل والتّفاعل والتأثّر والتأثير فلا قيمة أثمن من قيمة العقل البشريّ الذَّي به تشاد الحضارات، وينال به الرّخاء، وتؤتى القوَّة وتراد آفاق المجهول وتستثمر منابع الثروات والعقول ولا يكون هناك إبداع إن لم تكن أجواء الإبداع متاحة وميسرة على أرحب نطاق في طرق لا تقف سداً منيعاً أمام مجال الإبداع فلينهل البشر جميعاً من معين العلوم والمعارف.
فالأمَّة الحَّية هي التي تفاجئ المستقبل بخططها المتوازنة حتى تسير بخطى وثابة حتى تبلغ أقصى مطامحها في التّطور والتّقدم والازدهار فإن التخطيط والارتجال على طرفيْ نقيض - أما تخطيط الارتجال فإن طريقه إلى الفشل أما التخطيط المدروس بدقة من كافَّة الجوانب يكون ذا مرونة، يضيق تارة ويتسع تارة دون أن يجور على الخطة الاستراتيجية الشاملة ولا بد أن يكون التخطيط مثمراً لفائدة ملموسة تتحقق على السطح ويحس بها الناس إحساساً يوميَّاً في حياتهم وفي معاشهم وأي تخطيط لا يكتسب تعاطف الناس واستجاباتهم هو تخطيط مكتوب عليه الفشل على أداء رسالته فلا بد لنجاح التخطيط من اعتبارات أساسية أهمها ما يلي :-
1) الأخذ بالمنهج العلميِّ الصَّارم.
2) توخي أهداف قريبه يلمسها الناس من لمس اليدين.
3) التطلع إلى أهداف بعيدة ذات جودة عالية.
4) المرونة في جوانب التخطيط وفقاً للمقاييس العمليَّة والعلميَّة .
5) لا بُدَّ من الجدية والمثالية في التخطيط.
بواسطة الرؤية المستقبلية تستطيع الأمة بالعلم والتخطيط الدقيق أن تنهض وتقيل عثراتها وتعينها على اللحاق بما فاتها من ركب الدنيا المتحضرة فالأمم تبنى بالعقول البشريَّة وبالعلوم وكذلك بالعلماء الموكلين بآنية العلم فالرؤية تحتاج إلى حرِّيَّة المرء وكرامته وإنسانيته، فالمرء الحر هو وحده الذَّي يبدع ويبتكر بدور جديد الآفاق فالإنسان صاحب الكرامة العالية هو وحده الذَّي يزدهيه شرف المواطنة، فيبذل الغالي والنفيس في سبيل رفع مستقبل أمته فإن الشعوب اليقظة هي التي لا تنام ولا تكل ولا تمل أمام كافة التحديات والمصاعب مكتوفة الأيدي مستندة بعد الله على القول المأثور:
(إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك) فما أصدق هذه المقولة في مصائر أفراد الأمة على حدٍّ سواء فعالم اليوم يوجد مكان للعاملين النشطاء دون العاملين الخاملين، فكيف تواجه شعوب العالم هذا التحدي الذي فرضته عليها سنن الحياة فرضاً لا اختياراً، سواء ارتضته أم رغبت عنه وقاومته؟!!
فلابد لهذه العلوم أن تخرج من محيط مختبراتها إلى كافة مجالات الحياة العامَّة فلا جدوى من تلك العقول الإلكترونية أن تغزو جميع مرافق الحياة، وتحل كافة الصّعاب في لحظات سريعة فتظل هذه العقول تحسب الأمة احتياجاتها من المواد الغذائية والمواد الخام والعقاقير وما إليها وتحسبها حساباً دقيقاً وتعمل على تهيئتها في حينها وأوانها حيث ترسم ضوء هذه الحاجات سياسات التعليم والتدريب.
ومن عجائب هذه العقول الإلكترونية أن التطورات التي تمر بها هذه التجديدات التي تطرأ عليها تتلاحق بسرعة عاليه وسرعة عجيبة حتى يتعين على مستخدميها أن يبدلوا أجهزتها كل سنة أو أقل من ذلك للإتيان بما هو أدق وأفضل وأحسن وأسرع وأضبط وأكثر تعقيداً، وأقدر على اختزان تلك المعلومات واستيعابها ثمَّ تفريغها في طرق سليمة فالمرء عندما يبدع ويطور ويتقدم في كل رؤية للمستقبل فإنه يقول للتخلف وللأزمات: وداعاً ووداعاً.