«الجزيرة» - محمد العشيوي:
صباح حزين أشرقت فيه شمس المملكة على خبر نبأ وفاة الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن صباح أمس الأول، ليخيم الحزن على كافة منصات مواقع وسائل التواصل الاجتماعي بكلمات موجوعة نابعة من القلب تاركاً خلفه إرثاً غنائياً كبيراً لا ينضب، خدم من خلالها الفن السعودي طيلة أكثر من خمسة عقود شهدت من خلالها تاريخاً عريقاً وثنائيات خالدة لا تنسى وذكريات من كلمات ذهبية سامية في الساحة الفنية.
أثارت الثنائيات التي حققها في مسيرته الفنية منعطفاً فارقاً وشاسعاً في هوية الأغنية السعودية حيث أصبحت قصائده من خلال الثنائية مع فنان العرب محمد عبده والراحل طلال مداح هي الأهم والأبرز في قصائد الأمير بدر بن عبد المحسن نظراً لاكتسابها أهمية كبيرة من خلال الكلمة التي خطت بها أنامله ليصبح عاملاً مهماً في تثقيف المستمع في أقطار الوطن العربي ليكون هو صوت الصدى الذي شكل الأنين الشعري والحداثة في الشعر والأغنية السعودية الحديثة.
خاطب البدر الفجر البعيد بقلمه وعبر بها الأقاليم الجغرافية، فكانت قصائده الوطنية تثير الحماسة في دم السعوديين لتصبح رائعة «فوق هام السحب» التي أطلقها فنان العرب في العام 1987 هي الأغنية السعودية الأشهر في تاريخ الأغنية السعودية، بل والعمل الوطني الذي يتفاخر به كل السعوديين في المنجزات الوطنية على جميع الأصعدة لتوثق الأغنية منعطفاً تاريخياً في الأغنية السعودية الوطنية والتي أصبحت الضلع الأهم لجميع المناسبات التي يحييها محمد عبده في كافة مدن المملكة.
تاريخ كبير وارتباط وثيق جمع البدر والقصائد الوطنية ولعل فنان العرب استحوذ على النصيب الأكبر من هذه الأعمال الوطنية، وفي العام 1990 تحديداً ضمن أغنية «الله البادي» التي كتب كلماتها الأمير بدر بن عبد المحسن بكل استبسال لتكون ذاكرة راسخة في تاريخ المحافل الوطنية في المهرجان الوطني للتراث والثقافة والذي حمل لوحات شاعرية ووطنية لكافة أرجاء الوطن.
واستمرت التجارب والملاحم الوطنية في تاريخ البدر ليكون لأوبريت «وقفة حق» عنوان بالتلاحم الذي شكله محمد عبده وطلال مداح في رسم لوحة وطنية جميلة، فترة غزو العراق لدولة الكويت الشقيقة.
عاد البدر بجمال قلمه ليعيد تجربة كتابة فكرة الأوبريت الوطني والذي صاغه في العام 1999 وحمل عنوان «فارس التوحيد» والذي شهد أول مشاركة نسائية بصوت الفنانة نوال الكويتية التي شاركت كلاً من محمد عبده وطلال مداح وعبادي الجوهر، وقد تم استغراق تجهيز الملحمة الشعرية هذه عاماً كاملاً وفاز هذا النص بجائزة مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون، حيث تم اختياره كأفضل الأعمال الوطنية الشعرية الدرامية، وقد لحن العمل الفنان محمد عبده، أما أوبريت «وطن الشموس» فشهد ملحمة غنائية درامية كبيرة والذي كتبه البدر في العام 2009.
واستمراراً للدور الوطني الكبير الذي جمل فيه البدر اللوحات الوطنية حظي أن تكون آخر نسخة لأوبريت الجنادرية الذي حمل عنوان «أئمة وملوك» في العام 2018 هو آخر أوبريت يقام، حيث شهد دروساً وطنية وتعزيزاً للنهضة الثقافية والفنية في المملكة والتطور الذي تعيشه المملكة في عهدها الزاهر، إلى جانب العديد من الأعمال الوطنية التي يتفاخر بها السعوديون كرائعة «حدثينا» و»يا روابي نجد» و»الله أحد»، إلى جانب أوبريت «عوافي» الذي أقيم في تبوك، ليكرس عطاءه في خدمة الأغنية السعودية بتاريخ عريق وخالد في الوجدان.