يربط الشاعر المصري صلاح عبدالصبور بين الشاعر والفيلسوف في مقارنة واحدة، ذلك أن هؤلاء هم أقدر الناس على النظرة الصائبة للحياة البشرية والتعمّق في الذات ومشاهدة ما لا يشاهده الناس العاديون الغائصون في حياة عادية يومية سريعة الخطى، وقد كان الشعر للعرب بمثابة العلم الذي لا علم بعده، وله أهمية قصوى في حياتهم.
وكواحد من أبناء هذا الوطن الذين يهتمون بالثقافة أتمنى أن تكون هناك جائزة سنوية تحمل اسم الشاعر الكبير صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-، هذه الشخصية الرائدة في تاريخ الفكر والثقافة في المملكة العربية السعودية، وصاحب المساهمات الكبيرة الجادة في ميداني الفكر والثقافة، مستنداً على عشقه المملكة وعشقه تربتها وتعلقه الشديد بمجتمعها وتراثها وغيرته عليها.
جائزة سنوية تحمل مسمى «جائزة الأمير بدر بن عبدالمحسن للشعر» يتولى التحكيم فيها صفوة من النقاد والأدباء بارعي التخصص، وتكون فروعها للدواوين والشعر العمودي والتفعيلي وقصيدة النثر، على أن تشرف عليها وزارة الثقافة، وتقام سنوياً على المستوى الرسمي، وذلك إحياءً لشاعر المملكة العظيم ونبل رسالته الحضارية والإنسانية، وتشجيع للشعراء على السير قدماً ليواصل اللاحق مسيرة السابق، كما أن هذه الجائزة سترفع من منزلة الأدب والأدباء، باعتبارهم مرآة عصرهم ومسؤوليتهم الخلاقة في القيم العالية والأهداف النبيلة.
عندما احتفلت دولة مصر الشقيقة بعيد ميلاد الأديب والروائي نجيب محفوظ الرابع والتسعين، عام 2005م دوَّنوا «نحن مدينون لك» كتحية احترام وتقدير له، وقامت مجلة الهلال الشهيرة بتخصيص عدد كامل للحديث عن نجيب محفوظ وقامت بتسميته «عش ألف عام» معبرة عن ذلك باختراق إبداعه لقلوب وعقول القرَّاء، والقول يوافق الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-، الذي يحق لنا أن نعتز به مثلما تعتز الدول بجبران خليل جبران، وأبو القاسم الشابي، وطه حسين والكثير من كل الدول والجنسيات واللغات، فشعره عليه رحمة الله تعدَّى الحدود والإقليميات والحواجز، وساهم في تكوين الثقافة العربية بخلقه وابتكاره وإبداعه، وفي سيرته الباذخة آيات باقية وإرث شعري خالد غني متجدد على وجه الدهر.