«الجزيرة» - المحليات:
شهد موسم حج 2024 جهودًا استثنائية من قبل المملكة العربية السعودية لضمان سلامة وأمن الحجاج، خاصة في ظل موجة الحر الشديدة التي شهدتها المشاعر المقدسة. ومع هذا النجاح الكبير في التنظيم، برزت قضية مسؤولية شركات السياحة عن التغرير بالحجاج وضرورة الالتزام بالقوانين والتعليمات الصادرة من الجهات الرسمية.
فقد أوضح المتحدث الأمني لوزارة الداخلية العقيد طلال بن عبدالمحسن بن شلهوب، أن هناك شركات سياحية في بعض الدول غررت بحاملي تأشيرات الزيارة وشجعتهم على مخالفة الأنظمة في الحج. وأكد أن هذه الشركات قامت بمنح تأشيرات غير مخصصة للحج، وشجعت الحجاج على مخالفة القوانين والتحايل عليها، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع وزيادة الضغط على المنظومة الصحية والخدمية في المشاعر المقدسة.
بلغت نسبة الوفيات بين الحجاج غير المصرح لهم 83 % من إجمالي الوفيات، وهو ما يعكس حجم التحدي الذي واجهته السلطات السعودية في تنظيم الحشود وتقديم الرعاية لهم.
ولا يخفى على أحد ما تم تداوله قبل فترة عن أعداد حملة تأشيرات الزيارة الذين عمدوا قبل أشهر عديدة إلى استئجار المساكن في مكة والمبيت بها ضمن موجة التغرير التي تعرضوا لها دون وجود سبل قانونية للتعامل معهم قبل بدء موسم الحج باعتبار أن المخالفة لا تكون على النوايا بل على التصرفات الواقعية، ولذلك تكثفت الحملات التوعوية نحوهم لتحذيرهم من مغبة استغلال وجودهم في العاصمة المقدسة لمحاولة التسلل بين الحجاج حاملي التصاريح.
من المهم التأكيد على أن تصريح الحج ليس مجرد بطاقة عبور للمنافذ أو نقاط الفرز، بل هو أداة مهمة تسهل الوصول للحجاج والتعرف على أماكنهم لتقديم الرعاية والخدمات المطلوبة في الوقت المطلوب. عدم وجود التصريح كان تحديًا أمام السلطات للوصول إلى المخالفين وتقديم الخدمات لهم أو رعايتهم عند تعرضهم لمشاكل صحية، مما جعل الأمر أكثر تعقيدًا في ظل الظروف الجوية الصعبة، إذ كيف يمكن الوصول لمن يحتاج العون إن لم تكن تعرف موقعه أو وجوده أساسا؟
التصريح يضمن تنظيم الحشود بشكل فعّال ويضمن سلامة الحجاج من خلال متابعة حالتهم الصحية وتقديم الدعم اللازم لهم في الوقت المناسب.
إلى جانب ذلك، شددت السلطات السعودية على ضرورة التزام شركات السياحة بالقوانين والأنظمة المعمول بها، وأكدت على العمل المسبق في تكثيف الحملات الإعلامية والتوعوية التي تحذر من الحج بلا تصريح. فرضت عقوبات صارمة على المخالفين للأنظمة، وتمت إحالة المروجين لحملات الحج الوهمية للنيابة العامة لتطبيق الأنظمة بحقهم. كما أشادت المملكة بالإجراءات الصارمة التي اتخذتها بعض الدول الشقيقة تجاه الشركات المخالفة، مؤكدة على التعاون الدولي للقضاء على مثل هذه المخالفات.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الخدمات الصحية التي قدمتها المملكة للحجاج لم تقتصر على الحجاج المصرح لهم فقط، بل شملت جميع من تواجد في المشاعر المقدسة. قدمت وزارة الصحة السعودية حوالي 141 ألف خدمة علاجية للحجاج غير المصرح لهم، واستمرت في علاج 95 حالة حرجة تم نقلها جويًا للعاصمة الرياض ومدن أخرى لاستكمال العلاج. هذه الجهود تعكس التزام المملكة بتقديم الرعاية الصحية الشاملة لكل ضيوف الرحمن، بصرف النظر عن حالتهم النظامية.
هذه الإجراءات، وسواها، أبلغ دليل على بطلان حملة الشائعات المضللة التي زعمت تحويل الحج إلى أداة للربح المالي من خلال تصاريح الحج، فالهدف من تنظيم إصدار التصاريح هو ضمان سلامة الحجاج وتوفير أفضل الخدمات لهم. تصاريح الحج تُعدّ جزءًا من الإجراءات التنظيمية التي تهدف إلى حماية الحجاج وضمان تقديم الرعاية اللازمة لهم. هذه الإجراءات تسهم في تنظيم حركة الحشود وتوفير بيئة آمنة تمكن الحجاج من أداء مناسكهم بسلام وطمأنينة.
أثبتت المملكة العربية السعودية قدرتها الفائقة على التعامل مع التحديات التي واجهت موسم حج 2024، وخاصة في ظل موجة الحرارة الشديدة والضغوط الناجمة عن الحجاج غير المصرح لهم. بفضل الجهود المتكاملة للجهات الصحية والأمنية والتنظيمية، تمكن الحجاج من أداء مناسكهم بسلام وطمأنينة. تعكس هذه الجهود التزام المملكة بتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، وتعزيز سلامتهم وصحتهم في كل الأوقات.
من المهم أن يدرك الجميع أن تنظيم الحج يتطلب تعاونًا كاملاً من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحجاج أنفسهم وشركات السياحة. التزام القوانين والأنظمة يسهم في إنجاح موسم الحج ويضمن سلامة وأمن الحجاج. المملكة العربية السعودية مستمرة في جهودها لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، وضمان تجربة حج آمنة وميسرة للجميع.
في الختام، لا بد من التشديد على أهمية الوعي والتعاون من الجميع لضمان سلامة الحجاج ونجاح موسم الحج. تظل المملكة العربية السعودية ملتزمة بتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، وتعمل باستمرار على تحسين الإجراءات التنظيمية والصحية لضمان تجربة حج آمنة ومريحة للجميع. إن التعاون والالتزام بالقوانين هو السبيل الأمثل لتحقيق هذا الهدف، وضمان أداء مناسك الحج بكل يسر وسهولة.