من دون أي ضوضاء، ومن دون رفع الشعارات الرنانة والهتافات البراقة والعناوين الباهتة، جسر الخير للمملكة العربية السعودية لا يزال مستمراً منذ أكثر من 50 عاماً وهو يلملم جراح الفلسطينيين، من الاحتلال الإسرائيلي الجائر، والسياسات القمعية التعسفية والعنصرية، والتوغل الاستيطانيٍ غير شرعي، ودوماً كانت المملكة رمزاً للخير والعطاء داعمةً للعمل الإنساني بما يرسخ مكانة المملكة كموطن للإنسانية والعطاء والخير، تمد يد العون والمساعدة للعالم ككل، وهو منهج راسخ كرسوخ الجبال ومتين، فالتراحم من أجل تخفيف معاناة وآلام الشعوب هو مبدأ أصيل في سياسة المملكة، وانعكاسٌ لقيمها الفريدة في التكافل والأخوة والتراحم.
وهنا استشهد بمقولة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- عندما قال: «القضية الفلسطينية تبقى قضيتنا الأولى إلى أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية»، ومقولة سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- ثاني أيام العيد: «يحلّ علينا عيد الأضحى المبارك، مع استمرار الجرائم الشنيعة على أشقائنا في قطاع غزة، وإننا إذ نؤكد ضرورة الوقف الفوري لهذا الاعتداء؛ فإننا نناشد بأهمية تحرك المجتمع الدولي لاتخاذ جميع الإجراءات، التي تضمن حماية الأرواح في غزة».
وقد هرع آلاف المواطنين والمقيمين في المملكة الذين تضامنوا مع الحملة الشعبية عبر منصة «ساهم»، التي تهدف إلى تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني الشقيق المتضرر من الحرب في قطاع غزة، مبادرات في قمة الإنسانية، تقوم استناداً على منهج العطاء والخير في دولة الخير والعطاء، فأهل فلسطين هم في أمس الحاجة إلى الدعم الإنساني، وليس الضوضاء والشعارات الرنانة والهتافات البراقة والعناوين الباهتة.
وقد قدمت المملكة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ اليوم الأول لاندلاع أزمة غزة مساهمات إنسانية وصلت حجم تبرعاتها حتى اليوم إلى 700 مليون ريال سعودي، كما دشنت المملكة جسرا جويا وصل منه حتى الآن 53 طائرة، وجسراً بحرياً وصل منه حتى اليوم 8 سفن، كما تم منذ أسبوعين تدشين باخرتين إغاثيتين للشعبين الفلسطيني والسوداني الشقيقين من ميناء جدة الإسلامي، بالإضافة إلى إرسال أكثر من 500 قافلة برية حتى الآن، وهناك تنسيق مع الحكومة الأردنية لإدخال مساعدات أخرى عبر الإنزال الجوي.
مساعي المملكة على مختلف الساحات الإقليمية والدولية في تعزيز التعاون الإقليمي لتحقيق التقدم في القضية الفلسطينية لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت مُنذ عهد الملك عبدالعزيز ـ طيب الله ثراه ـ مروراً بجميع أبنائه الملوك من بعده، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز-حفظهما الله- فساهمت لدفع المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته نحو القضية الفلسطينية، وحث الجهات الدولية على التحرك لدعم الشعب الفلسطيني في جميع الأوقات؛ لذلك ستظل المملكة دولة أفعال، وليس مجرد شعارات رنّانة وهتافات براقة.