في لحظة خاشعة، أُسدل الستار على حياةٍ مُتلألئةٍ بنور العلم والعطاء. ففي يوم الجمعة، الثالث عشر من محرم عام 1446هـ، رحل عن عالمنا عميد عائلة العتيق، الشيخ الجليل إسماعيل بن سعد العتيق، تاركاً خلفه إرثاً خالداً من الخير والتقوى، ليظل نوره مُشعّاً في قلوب أهله وأحبائه وكل من عرفه.
ولد الشيخ إسماعيل في عام 1357هـ/ 1938م، في وادي الدواسر، حيث استنشق أولى أنفاسه قبل أن يرحل الى الرياض، وكانت تلك البداية لحياة زاخرة بالعلم والدعوة والخير. كان الشيخ حريصاً على جمع شمل العائلة، وكانت رؤيته السامية أن يكون لكل فرد في عائلة العتيق مكانٌ ومعرفةٌ بأصله وأرحامه.
من أوائل أعماله، كان بناء شجرة عائلة العتيق، التي جمعت كل أفراد العائلة في مختلف مناطق المملكة في شجرة واحدة، وكان لهذه الشجرة أثر كبير في تعارف أبناء العائلة وتواصلهم خلال العقود الماضية.
لم يكن الشيخ إسماعيل يجمع العائلة فقط بالورق والحبر، بل كان يجمعهم بروحه الطيبة وابتسامته الصادقة، حريصاً على صلة الرحم والتواصل مع كبار العائلة بالزيارات واللقاءات، والمشاركة في الأعياد واجتماعات العائلة السنوية ومناسبات الأفراح وغيرها.
كان مثلاً للأخلاق الحميدة، والتعامل الحسن مع الصغير والكبير، وكانت الابتسامة والطرفة لا تفارقه في زياراته وفي بيته وفي كل مكان.
أما على مستوى الدعوة والعلم، فقد كان الشيخ إسماعيل نبراساً يهتدي به الدعاة والمشايخ منذ شبابه، انطلق في سبيل الدعوة إلى الله، متجولاً في أنحاء العالم الإسلامي، زائراً عدداً كبيراً من الدول، ناشراً رسالة الإسلام السمحة، ومعلماً وموجهاً في شتى العلوم الشرعية. كان عمله في الدعوة بإشراف ودعم من الجهات المعنية في الدولة، وكان مثالاً للالتزام بالحق والصدق في نشر رسالة الإسلام.
ألف الشيخ إسماعيل عدداً من الكتب والرسائل والمؤلفات في موضوعات مختلفة، منها ما هو في مجال الدعوة والعلوم الشرعية، ومنها ما هو في توثيق المعلومات والأخبار عن عائلة العتيق، وقد كان لهذه المؤلفات أثر كبير في إثراء المعرفة، وتوثيق تاريخ عائلة آل عتيق.
لم يكن الشيخ إسماعيل عالماً فحسب، بل كان معلماً يحتضن طلبة العلم في بيته ومكتبته، يشرح لهم كتب العلم الشرعي ويوجههم بما أعطاه الله من علم وحكمة. كان بيته مفتوحاً للزائرين، وكان مضيافاً كريماً، يقابل الجميع بابتسامته المعهودة وروحه الطيبة.
كان الشيخ إسماعيل يزورنا كثيراً في بيت الوالد، وكنا نزوره في بيته، وأتذكر آخر زيارة قام بها والدي له، وكنت برفقته، قبل قرابة الأسبوعين، وكان على فراش المرض. كان اللقاء مؤثراً، يجسد المحبة والتقدير والاحترام.
ها قد رحل الشيخ إسماعيل، ولكن ذكراه ستظل خالدة في قلوبنا. سيبقى إرثه يضيء الدرب لمحبيه، وسيظل مثالاً يُحتذى به في الأخلاق والتواضع والعلم. رحم الله شيخنا الجليل، وجعل مثواه الجنة، وجمعنا به في دار الخلد.
** **
- عبدالله بن محمد بن إبراهيم العتيق