الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
يعد التدخين من الخبائث عند ذوي الطباع السليمة، قال تعالى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ)، وقد أجمع من يعتد برأيهم من علماء الأمة على أن التدخين وباء لا يقبل عليه العقلاء، كما أجمع الأطباء على مضاره الصحية الكثيرة.
وقد شاع وفشا شرب الدخان عند الصغار والكبار، الذكور والإناث، وتعدى الضرر ليس لشاربيه فقط بل أضحى يضايقون به الناس ويؤذون به الأبرياء من غير خجل ولا حياء.
وقد سعت الشركات المصنعة «للتبغ» إلى اتباع وسائل حديثه للترويج للدخان بمسميات جديدة لخداع الناس وتضليلهم، ومنها ما يسمى «السيجارة الإلكترونية» وغيرها.
«الجزيرة» ناقشت القضية مع مختصين في العلوم الشرعية والطبية حول أهمية التوعية والتثقيف في الجوانب الشرعية والطبية، وما المخاطر التي تلحق بصحة الإنسان والمحيطين به؛ فماذا قالوا؟
إنقاذ المجتمع
يشير الدكتور عمر بن إبراهيم المحيميد أستاذ الفقه بجامعة القصيم الى أن شيوع التدخين مشكلة قديمة تعصِفُ بالمجتمعات، وكل مجتمع بحسبه، بين مستقل ومستكثر، ولعل أبرز أسباب انتشاره: (القدوة)، نعم القدوة، سواء من آباء وإخوة أو أصدقاء ومعارف ومشاهير، فمكافحة التدخين تبدأ من الأعلى، على القدوة - أيا كان موقعه المجتمعي - أن يتحمل المسؤولية، ويبدأ بنفسه؛ إنقاذاً لنفسه، وإنقاذاً للمجتمع - صغاراً وكباراً، ذكوراً وإناثاً - ، فإقلاعك حمايةً لك وللمجتمع، وإن لم تفعل فلا أقل من أن تستتر، فمن الذي يحملك للتدخين أمام الأولاد، أو في الأماكن العامة؟!
وسائل المكافحة
يبين د. عمر المحيميد أفضل وسائل المكافحة، وتتمثل في الآتي:
- بيان العلماء حُرمته في كل مناسبة، وأن المسلم المُدخِّن يأثم؛ للضرر الذي يُلحِقه بنفسه، وللضرر الذي يُلحِقه بالآخرين، فتأثم بسبب الذين يتأذون من رائحته - بالبيت وبالمسجد، وبالسوق وبالأماكن العامة - ، وتأثم بسبب الذين يقتدون بك ويقلدونك، فتبوء بالإثم - والعياذ بالله - أزمنةً مديدة.
- أن يُبيّن المختصون أُسرياً مدى خطورته في العلاقات، خاصةً في العلاقات الزوجية، وأن رائحته، سواء الآنية - أثناء أو بعد التناول مباشرة - أو بعد مُدة من تناوله - أعني الرائحة المنبعثة من المعدة - مُنفِّرة جدا، خاصة من الاستمتاع الحميمي، وأنه داعٍ لابتعاد الشريك الآخر والاشمئزاز منه.
- أن يسرد المُقلِعون عن التدخين تجاربهم في وسائل التواصل المختلفة، وذكر سلبيات التدخين وكيف أحرق أموالهم وصحتهم وأوقاتهم، وأنه حرمهم من المجالس الفاضلة.
- أن تزيد الجهات المختصة من وسائل المكافحة كحصر البيع على سن أعلى من المحدد الآن، وألا يباع إلا في أماكن محدودة، لا يستطيعها الجميع.
- أن تزيد الجهات المختصة من توفير البدائل الصحية والأقل ضرراً وبأسعار رمزيّة، وأن تُروِّج لذلك على كافة الأصعدة.
- أن تتكاتف المُنظَّمات على منع الترويج له؛ وأن تستصدر قرارات صارمة؛ خاصة الترويج من قِبل وسائل الإعلام كما يُعرض في الأفلام والمسلسلات من تدخين الأبطال والنساء.
- بل قد يناسب صُنع مشاهد تلفزيونية فيها رسائل - غير مباشرة - للتحذير منه، وأنه سبب رئيس في تدهور الصِّحة والعلاقات.
أضرار صحية خطيرة
يؤكد الدكتور عادل بن عبدالتواب الشناوي استشاري الأمراض الصدرية بالرياض أن السجائر الإلكترونية تشكل خطراً على الرجال، خاصة على الحالة الجنسية ونسبة وعدد الحيوانات المنوية، حيث تشير الدراسات الى أن هناك أكثر من 100 مليون شخص في العالم يقومون بتدخين الفيب يومياً، ويرجح الأطباء الأضرار على الرجال، كالآتي:
انخفاض نسبة الحيوانات المنوية، حيث تشير العديد من الدراسات أن تدخين الرجال يؤثر الفيب على عدد الحيوانات المنوية وحركتها، مما يؤثر على عدم إخصاب البويضة لزوجاتهم اللاتي يأملون في الإنجاب، كما تتضمن أضرار المعسل الإلكتروني على الرجال، حيث تحدث مشاكل في الانتصاب، وسرعة القذف، والضعف الجنسي، مشيراً إلى أن الأمر لا يتوقف عند ذلك ولكن الأطفال الذكور الذين تعرضوا إلى أبخرة المعسل الإلكتروني في الرحم هم أكثر عرضة للإصابة بمشاكل في الإنجاب خلال مرحلة البلوغ.
ويضيف د. عادل الشناوي أن هناك أضراراً للفيب الإلكترونية على النساء حيث تسبب انخفاض نسبة الخصوبة، كما يشير الأطباء إلى انها تسبب تؤخر إنتاج البويضات والتخصيب، خاصة أن المواد الكيميائية السائلة داخل الفيب تؤثر في هرمون الاستروجين لدى الإناث الأمر الذي يسبب الآثار الضارة للجنين (تشوهات الأجنة)، وانخفاض وزن الجنين، مع مشاكل في نمو الجنين، مبيناً أضرار السيجارة الإلكترونية التي تتمثل في زيادة خطر الولادة المبكرة، ومن أضرار السيجارة الإلكترونية على النساء الحوامل بشكلٍ خاص أنها قد تتسبب في الولادة المبكرة وموت الجنين أحيانًا، وقد قام باحثون أمريكيون بمسح ما يقرب من 14000 رجل فوق سن 20، ووجدوا أن أولئك الذين استخدموا الأجهزة لديهم فرصة 2.4 مرة للإصابة بالعجز الجنسي مقارنة بغير المدخنين، وفي حين أن الدراسة لم تثبت الصلة، يعتقد الخبراء أن ارتفاع مستوى النيكوتين في سائل السجائر الإلكترونية يقلل من تدفق الدم إلى العضو الذكري، عن طريق إعاقة قدرة الأوعية الدموية على التمدد.
يقول الباحثون إن السوائل التي لا تحتوي على النيكوتين تحتوي على مواد كيميائية قد تقلل من كمية هرمون التستوستيرون المنتشر في الجسم.
وقال الفريق إنه يجب تحذير الرجال من التأثير المحتمل الذي يمكن أن تحدثه السجائر الإلكترونية على حياتهم العاطفية، وثبت منذ فترة طويلة أن التدخين التقليدي هو سبب ضعف الانتصاب، بسبب المواد الكيميائية الموجودة في منتجات التبغ، مثل النيكوتين، التي تلحق الضرر بالأوعية الدموية المتصلة بالعضو الذكري.
وفي حين تعتبر السجائر الإلكترونية بشكل عام أكثر صحة من التدخين التقليدي، فقد قام العلماء مؤخراً باستكشاف علاقة محتملة بين مشاكل الصحة الجنسية ومنتجات السجائر الإلكترونية.
وقال المعد الرئيسي للدراسة الأخيرة، إن النتائج تشير إلى أن السجائر الإلكترونية تجعل الرجل أكثر عرضة للمعاناة من مشاكل الانتصاب، حتى مع الأخذ في الاعتبار تاريخ التدخين السابق.
ويشدد د. عادل الشناوي على أن السجائر الإلكترونية اليومية تترافق مع احتمالات أعلى لضعف الانتصاب بغض النظر عن تاريخ التدخين، كما أن التدخين الإلكتروني قد يقلل من عدد الحيوانات المنوية ويحد من الرغبة الجنسية، ويقلص الخصيتين.