الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
الرقية الشرعية هدي نبوي وسنة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة من بعده، باعتبارها استطبابا سليما وصحيحا يقوم على القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
وفي هذا الزمن أسيء فهم الرقية الشرعية وتطبيقها، وامتهنها الأدعياء والمتاجرون والجهلة لأكل أموال الناس بالباطل.
«الجزيرة» التقت باثنين من أصحاب الفضيلة ليتحدثا عن الشروط المعتبرة الواجب توافرها في الرقاة والمعالجين، وضوابط الرقية الشرعية؛ فماذا قالا؟
أسلحة إلهية
يقول الدكتور عبدالله بن محمد الطيار مفوض الإفتاء بمنطقة القصيم عن الشروط الشرعية المعتبرة الواجب توافرها في الرقاة والمعالجين، من يرقى بالرقى الشرعية، يستخدم أسلحة إلهية قوية، والسلاح بضاربه، وحتى يأتي هذا السلاح بنتيجة طيبة ينبغي على الراقي أن يتحلى بكريم الأخلاق، ويترفع عن رذائل الصفات، ويتورع عن مواطن السوء، ويتحلى بشروط من أهمها:
أولًا: حسن الاعتقاد، وصحة الاتباع، وسلامة المنهج، والحذر من البدع والشركيات، والأباطيل والخرافات، ومن حسن الاعتقاد: صدق التوجه إلى الله سبحانه، قال تعالى: {وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} المائدة: (23).
ثانيًا: إخلاص النية وسلامة المقصد، فإن للنية أثرًا في القراءة، خصوصًا إذا استحضرها الراقي، واستصحبها في قراءته، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي به وجْهَ اللَّهِ، إلّا ازْدَدْتَ دَرَجَةً ورِفْعَةً) أخرجه البخاري (6373).
ثالثًا: البعد عن المعصية، واجتناب المنكرات؛ لأن المعاصي سبيل تسلط الشيطان، وحرمان الخير، قال تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} الزخرف: (36)، ومن ذلك تجنب مواطن الريبة، ومظان السوء، فلا يخلون بأجنبية بحجة القراءة، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يَدْخُلَنَّ رَجُلٌ بَعْدَ يَومِي هذا على مُغِيبَةٍ، إلّا ومعَه رَجُلٌ أوِ اثْنانِ) أخرجه مسلم (2173).
رابعًا: معرفة حقائق الجن وأحوالهم، وعدم الخوف منهم أو من تهديدهم، قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} الجن:(6)، وأن كيد الشيطان ضعيف، وأن الجن كثيرو الكذب، قال صلى الله عليه وسلم: (صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ) أخرجه البخاري (3033).
ضوابط شرعية
أما ضوابطِ الرّقيةِ الشّرعيةِ؛ فيحددها د. عبدالله الطيار فيما يلي:
أولاً: أنْ تكونَ الرّقيةُ بكلامِ اللهِ تعالى أوْ بأسمائِهِ وصفاتِهِ، أوْ بالأدعيةِ المشروعةِ، وباللسان العربيِّ، أوْ بما يعرفُ معناهُ من غيرهِ؛ فإنْ لمْ تكنْ بكلامِ اللهِ جلّ وعَلا وبلسانٍ عربي، ولمْ يُعرف معناها فلا يجوزُ العملُ بِها.
ثانياً: أَلا تكونَ رُقْيَةً سحريةً: لأنّ الشرَّ لا يُزال بالشّرِّ، وإنّما يُزالُ الشّرُّ بالخيرِ، سُئِلَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عنِ النُّشرةِ، فقالَ: (هوَ من عَملِ الشَّيطانِ) أخرجه أبو داود (3868).
ثالثاً: ألّا تكونَ الرّقيةُ ممن عُلم عنهم الكهانةُ أو العرافةُ أو الدّجلُ ولو لمْ تكنْ رقى سحرية، فهمْ أهلُ شركياتٍ وبدعٍ، ولنهيهِ صلى الله عليه وسلم عن إتيانهم كما في قوله: (من أتى عرّافًا أو كاهنًا فَصدَّقَهُ بما يقولُ فقد كفرَ بما أنزلَ على محمَّدٍ) أخرجه أبو داود (3904) والترمذي (135).
رابعاً: ألّا تكونَ رُقْيَةٍ شركيةٍ؛ لنهيهِ صلى الله عليه وسلم عنِ ذلكَ بقولِهِ: (اعْرِضُوا عليّ رقاكُم، لا بأسَ بالرّقى ما لمْ يكنْ فيها شركٌ) أخرجه مسلم (2200).
خامساً: ألّا تكونَ الرّقية بهيئةٍ محرّمةٍ: كأنْ يتعمّدَ الرّاقِي -حالَ الرّقيةِ- أنْ يكونَ جنبًا، أوْ متلطخًا بالدماءِ، أوْ النّجَاسَاتِ، أوْ جالسًا في مقبرةٍ، أوْ في حمّامٍ، أوْ في أماكنِ الزّبالاتِ، أوْ في حالِ كتابتهِ للطّلاسِمِ، أوْ نظرِهِ في النُّجومِ، أوْ غيرِ ذلك من الأحوال السّيئة.
سادسًا: ألّا تكونَ الرقيةُ بعباراتٍ محرّمةٍ: كالاستغاثةِ بغيرِ اللهِ تعالى منْ أسماءِ الجنِّ والشياطينِ، أو السبّ أو اللّعن، لأنّ اللهَ لمْ يجعلْ الشّفاءَ في شيءٍ محرّمٍ.
سابعًا: عدمُ الاعتقادِ بأنّ الرّقية وحْدَهَا تستقلُّ بالشِّفاءِ أوْ دفع المكروهِ، بلْ يكونُ ذلك برحمةِ اللهِ تعالى وتوفيقهِ وإعانتِهِ، وصِدْقُ الرّاقي، وتعلُّق المرقِي باللهِ تعالى وحدهُ.
أمور مستحبة
ويؤكد الشيخ عبدالله بن صالح العبيلان مفوض الإفتاء بمنطقة حائل سابقاً: أن الرقية مشروعة بالكتاب والسنة الصحيحة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وإقراره، وفعلها السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، وهي من الأمور المستحبّة التي شرعها الشارع الكريم؛ لدفع شرور جميع المخلوقات كالجن والإنس والسباع والهوام وغيرها.
والرقية الشرعية تكون بالقرآن والأدعية والتعويذات الثابتة في السنة والأدعية الأخرى المشروعة التي يقرؤها الإنسان على نفسه، أو يقرؤها عليه غيره، وقد تكون هذه الرقية بالقراءة مع النفث من الراقي على بدن المرقي، أو في يديه ويمسح بهما جسده ومواضع الألم، وقد تكون بالقراءة في ماء يشربه المريض أو يصبّ على بدنه، فهذا مما أجمع عليه أهل العلم مع اعتقاد الراقي والمرقيّ أن الرقية لا تؤثّر بذاتها، وألا يعتمد عليها بقلبه، وأن يعتقد كل من الراقي والمرقي أن النفع إنما هو من الله تعالى وحده، وأن هذه الرقية سبب من الأسباب المشروعة.
مخالفات معاصرة
ويبين الشيخ عبدالله العبيلان بعض المخالفات المعاصرة في الرقية الشرعية، وهذه المخالفات التي تنقسم إلى قسمين: مخالفات اعتقادية، ومخالفات عملية.
أولاً: المخالفات الاعتقادية:
أن بعض ممارسي العلاج بالرقية الشرعية قد يقعون في مخالفات تتعلق بالعقيدة ومنها:
1- أن تكون الرقية فيها استغاثة أو استعاذة بغير الله:
في الصَّحيحِ عنه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّه قال: «لا بأسَ بالرُّقى ما لم تكُنْ شِركًا» فنهى عن الرُّقى التي فيها شِركٌ، كالتي فيها الاستغاثةُ بالجِنِّ.
قال الشيخ محمَّدُ بنُ عبدِ الوَهَّابِ: «الرُّقى: هي التي تُسَمَّى العزائِمَ، وخَصَّ منها الدَّليلُ ما خلا مِنَ الشِّرْكِ».
فقوله: «وخص منها الدليل ما خلا من الشرك «أي: الأشياء الخالية من الشرك؛ فهي جائزة، سواء كان مما ورد بلفظه مثل: «اللهم رب الناس، اذهب الباس، اشف أنت الشافي»، أو لم يرد بلفظه مثل: «اللهم عافه، اللهم اشفه»، أما إن كان فيها شرك فإنها غير جائزة، مثل: «يا جني أنقذه، ويا فلان الميت اشفه»، ونحو ذلك.
2- الرجم بالغيب:
إن إخبار الراقي بالمغيبات من حيث يعلم أو لا يعلم مسألة خطيرة تتعلّق بالاعتقاد؛ كأن يقول للمريض: أنت مصاب بعين، أو بسحر، أو بمس، والمس أبكم لا يتكلّم، وهذا استخفاف بالعقول وتكلّم بغير علم، بل هو الكذب، وأكثر من ذلك فهو الرجم بالغيب: وهنا سؤال وهو: كيف عرف هذا المعالج أن هذا جني أبكم؟!
وبعض المعالجين يأخذ بكلام الجن ويصدّقهم في كل ما يخبر؛ كأن يقول الجني: أنا دخلت بواسطة العشق، أو أرسلني فلان، فيقوم هؤلاء المعالجون بأخذ الأمر بكل جدية، ومن هنا تثار الفتن بين الناس.
3- الاستعانة بالجان:
أي: استعانة بعض الرقاة بالجن في معرفة نوع المس ومعرفة مكان وضع السحر وغير ذلك، وكما هو معلوم فإن الجن في غالب أحوالهم الكذب، ومثله مثل الساحر أو العراف الذي يطلب من الجان الاستخبار لهم فيما لا يعلم، وهو رجم بالغيب، وكيف ترجو النصيحة من عدو لك وأنت تحاربه؟! وكذلك من الاستعانة: طلب المساعدة من الجن والاتفاق معه في علاج بعض الحالات المستعصية، فيناديه المعالج بألفاظ متفق عليها، أو يرافقه الجني في رحلات العلاج، ثم يأمره بالدخول في بدن المصروع ليخرج الجني الآخر إن كان أضعف منه، والاستعانة بالجن في هذا الباب محرّمة ولا تجوز، فإنها إن لم تكن شركا فهي وسيلة للشرك؛ لأن الاستعانة عبادة لا يجوز صرفها لغير الله، لا من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة ولا غيرهم، إلا مع القادر الحي الحاضر من الإنس فيما يقدر عليه، كالاستعانة بالإنسان الحي القادر في الزراعة والبناء وقتال الأعداء. أما الجن فحكم حاضرهم كغائبهم، لا تجوز الاستعانة بهم في شيء من الأشياء؛ لقول الله عز وجل: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وإذا استعنت فاستعن بالله»، وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ} (الأنعام: 128).
قال شيخ الإسلام: «ومن استمتاع الإنس بالجن استخدامهم في الإخبار بالأمور الغائبة كما يخبر الكهان، فإن في الإنس من له غرض في هذا؛ لما يحصل به من الرياسة والمال وغير ذلك.
4- تعلق بعض قلوب المرضى بالراقي من دون الله:
من الأخطاء العقدية في الرقية تعلّق المرضى والمحتاجين بالرُّقاة، وهذا التعلّق يحصل بأمور:
1/ الاعتقاد بأن الشفاء على يد الراقي المعيَّن الذي اختاره دون غيره من الرقاة.
2/ تخصيص ماء الشيخ المعيَّن للعلاج، وهو أن يتفق المعالج مع بعض العطارين فيقرأ على كراتين الماء بكميات كبيرة، ويضعها عند هذا العطار ليَبيعها باسمه، فيأتي قارئ آخر ويتفق مع عطار آخر، ويقرأ على كميات كبيرة من كراتين الماء، ويضعها عنده لتباع باسمه، حتى يكون عند كل عطار ماء مخصَّص لشيخ معيّن، والحصيلة أن كل هذا الماء قد قُرئ عليه القرآن ونفث فيه، فيأتي المريض إلى العطارين فيسأله: من الذي قرأ على هذا الماء؟ فيجيبه العطار: هذا ماء الشيخ فلان، فيجيبه المشتري: أنا أريد ماء الشيخ فلان؛ أي: الشيخ الذي يعالجه. وبهذه الطريقة يكون هؤلاء المعالجون قد علقوا قلوب المرضى بهم شخصيًّا، وهذا خطر كبير على عقيدة كل مسلم يريد أن يستشفي بالرقية الشرعية، والتعلق بغير الله سبحانه وتعالى مذموم لا يجوز، حيث يكون هذا المتعلق بمنزلة الأسير المملوك الذي يتحكم فيه بحكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور؛ الذي لا يستطيع الخلاص منه بل أعظم؛ فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن، واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن.
5- استحداث بعض الأدعية التي ما أنزل الله بها من سلطان:
فقد جاء هؤلاء المعالجون بأدعية لم تكن على عهد رسول الله، ولا عهد سلفنا الصالح، فهم تجاوزوا أسلوب الدعاء كقولهم: «اللهم أبطل سحر العجائز»، ويكررون كلمة العجائز مرات، وكذلك: «اللهم أبطل سحر المغرب وسحر السودان وغير ذلك.
6- تخصيص رُقًى ليس لها أصلٌ شرعيٌّ:
الرقية الشرعية هي ما كانت بالقرآن والأدعية الشرعية، وأما تخصيص سور وآيات مُعيَّنة لأمراضٍ مُعيَّنة، وبأعدادٍ وأوقاتٍ لم ترد في الكتاب والسنة، وتحديد عدد المرات التي تقرأ فيها الآية أو الدعاء يحتاج إلى دليل، ولا نعلم دليلًا في ذلك إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا بدعاء كرَّره ثلاث مرات في بعض الأحيان، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفَّيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثم يَمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وليس لأحد أن يسنَّ للناس نوعًا من الأذكار والأدعية غير المسنون، ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس؛ بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به؛ بخلاف ما يدعو به المرء أحيانًا من غير أن يجعله للناس سنة، فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنى محرمًا لم يجز الجزم بتحريمه؛ لكن قد يكون فيه ذلك والإنسان لا يشعر به، وهذا كما أن الإنسان عند الضرورة يدعو بأدعية تفتح عليه ذلك الوقت، فهذا وأمثاله قريب. وأما اتخاذ وِرد غير شرعي، واستنان ذكر غير شرعي، فهذا مما ينهى عنه، ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة ونهاية المقاصد العلية، ولا يَعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهلٌ أو مفرط أو متعدٍّ».
ثانيا: المخالفات العملية:
الرقية الشرعية تعد من التشريع الذي سنَّه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجب فيها الاتباع وعدم الابتداع، ومن المخالفات العملية التي يجب الحذر والتحذير منها:
1- استخدام الصعق الكهربائي:
يستخدم بعض القراء الكهرباء أثناء الرقية، فيجعل التيار الكهربائي يتصل بجسد المرقي زعما أن الصعق الكهربائي يقع ضرره على الجني، وليس على الإنسي، وأنَّ هذا مقيس على فعل بعض السلف بضرب المصروع للتضييق على الجني أو حرقه.
وهذا كله مما ليس عليه دليل شرعي، بل هو من تزيّدات الرقاة التي لا يعرف لها سلف.
والكهرباء خطرها عظيم، وأثرها قد يتعدّى المحل ويعمّ الجسد، ويترك آثارا قد لا يشفى منها المريض، فأين هذا من ضرب محدودِ الضرر الذي مارسه بعض السلف؟
2- الرقية عبر الهاتف أو البث الفضائي أو جهاز التسجيل:
يعمد بعض المعالجين أحيانًا بعلاج بعض الحالات عن طريق الهاتف؛ حيث يقرأ المعالج آيات من كتاب الله عز وجل وكذلك أدعية مأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والرقية عمل يحتاج إلى اعتقاد ونية حال أدائها، ومباشرة للنفث على المريض، والجهاز لا يتأتى معه ذلك، ويخالف ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعهم بإحسان في الرقية
3- الرقية الجماعية:
وهي أن يقوم الراقي بجمع المرضى في مكان واحد، ثم يرقيهم جميعاً عبر مكبر الصوت، ثم يقوم بالمرور عليهم، وينفث عليهم واحداً واحدًا، أو ينفث عليهم من مكانه، وهذه الطريقة في الرقية ليس عليها دليل شرعي، أو أثر سنيّ، فهي محدثات القراء المبتدعة.
4- رقية الماء بكميات كبيرة:
قد دل على جواز التداوي بالرقى فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وتقريره، وقد أجمع على جوازها المسلمون بثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن تكون الرقية بكلام الله تعالى أو كلام رسوله أو الأدعية المشروعة.
الشرط الثاني: أن تكون بلسان عربي، أو بما يعرف معناه من الأدعية والأذكار.
الشرط الثالث: أن يعتقد الراقي والمريض أن هذا سبب لا تأثير له إلا بتقدير الله سبحانه وتعالى.
وهي تكون بالقراءة والنفث على المريض، سواء كان يرقي نفسه أو يرقي غيره، ومنها قراءة القرآن في الماء للمريض وشربه، كما في سنن أبي داود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس وهو مريض، فقال: «اكشف الباس، ربَّ الناس، عن ثابت بن قيس بن شماس»، ثم أخذ ترابًا من بطحان فجعله في قدح، ثم نفث عليه بماء وصبه عليه فهذا هو المروي في القراءة في الماء وشرب المريض له، أما أن يقرأ الراقي في ماء ثم يفرغ ذلك الإناء في بِركة أو خزان، أو يَنفث في خزان رقية عامة، فهذا لم يرد به دليل، وهو مخالف لموضوع الرقية الجائزة؛ لأنها إنما تكون على المريض مباشرة، أو تكون بماء قليل يُسقاه المريض، والأصل في ذلك الاقتصار على ما ورد.
واختتم العبيلان حديثه قائلاً: الرقية الشرعية عبادة، يجب فيها إخلاص النية، وسلامة المقصد، والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بنفع الناس، ودفع الأذى بإذن الله، والالتزام بما ورد في الكتاب والسنة واتباع السلف الصالح.