تتناول هذه الفقرات شيئاً من تاريخ الأندلس من منظور الخرائط والجداول الموثقة. وجدت جدولاً مُبِيناً، ومقالاً مُفِيداً يستحق تسليط الضوء عليهما. بالنسبة للخرائط فهي بقلم محمد إلهامي وقد عنونه بالخرائط كيف تفهم الأندلس. كما تعلمون أن تاريخ الأندلس تعرض لكثير من الأقلام، ورُتب من أجل فهمه وشرحه وتحليله ما لا يُعد من الدروس.
ولدت دولة الأندلس في عام 92هـ وبلغ قلبّها حنجرّتّها في غرناطة حتى سقطت في عام 897 هـ. إن الأمويين هم من فتحوا الأندلس على يد طارق بن زياد وموسى بن نصير.
مرّت الأندلس خلال الثمانمائة وخمس سنوات بثماني مراحل وهي - حسب رأي الدكتور محمد إلهامي: الفتح الإسلامي، عصر الولاة، العصر الأموي، الدولة العامرية، عصر ملوك الطوائف، دولة المرابطين، دولة الموحدين، مملكة غرناطة، وسقوط الأندلس.
إلا أن الدكتور عيسى نجم الدين يرى أن الأندلس مرت بست مراحل تاركاً ما يتعلق بالشمال الإفريقي أو بتعبير أدق ما حدث قبل عبور طارق بن زياد البحر إلى الجهة المقابلة حيث شبه الجزيرة الأيبيريّة (الأندلس) ثم عاد للحديث عن الشمال الإفريقي حيث عهد المرابطين والموحدين. وهذه الخمس مراحل هي: أولاً: عهد الفتح (طارق بن زياد إلى موسى بن نصير)، ثانياً: عهد الولاة (من عبدالعزيز بن موسى بن نصير إلى يوسف بن عبدالرحمن الفهري (138هـ))، ثالثاً: عهد الإمارة من (عبدالرحمن (الأول) بن معاوية المعروف بالداخل (138هـ) إلى هشام (الثالث) المعتمد بن عبدالرحمن وانتهى عهده في (422 هـ)، الدولة العامرية من 366 هـ إلى 399هـ وحسب فهمي أن معد الجدول فصل الدولة العامرية عن العهود فلم يجعلها تحت أي مرحلة من المراحل الست كترقيم وإنما سمّاها: الدولة العامرية، رابعاً: عهد ملوك الطوائف من 400 هـ إلى 484هـ وهذا العهد هو كالتالي: 1- دولة بني جهور في قرطبة، 2 - دولة بني حمود في مالقة وبنو حمود في الجزيرة، 3- دولة بنو عباد في إشبيليا، 5- دولة بنو زيري في غرناطة، 6- دولة بنو الأفطس في بطليوس، دولة بني يحيى في لبلة، 7- دولة بني مزين في باجة وشلب، 8- بني البكري في ولبة وشلطيش، 9- دولة بني هارون في شنتهرية الغرب، 10- دولة بني ذي النون في طليطلة، 11- دولة بني برزال في قرمونة، 12- دولة بني حمّر في مورو أو (مورون)، 13- دولة بني خزون في أركش، 14- دولة بني يفرن في رندة، 15- مملكة المرية (بنو صمادح)، 16- مملكة مرسية، 17- مملكة دانية والجزر الشرقية، 18- مملكة دانية والجزر الشرقية، 19- إمارة شنترية الشرق (بنو رزين بالسهلة)، 20- إمارة بنو القاسم بالبونت (الفنت)، 21- مملكة سرقسطة ولاردة (بنو تجيب وبنو هود)، 22- ميورقة (جزائر البليار) جُزر البليار (Illeas Balears) تقع غرب البحر المتوسط وتشكل أرخبيلاً وذكر الدكتور مازن الزبن بنو غانية الذين كان لهم وجود في هذه الجزر. وذكر الدكتور مازن فترة الشغور بين المرابطين والموحدين وجعل تحتها أربع مناطق: أ- بلنسية وولاتها: القاضي مروان بن خطاب (539هـ - 540هـ) وذكر من خلفه وهو محمد الجذامي ثم عبدالله بن عياض ثم الجذامي مرة ثانية وقد خضع الجذامي لبني عباد ثم تولى المظفر عيسى بن المنصور بن عبدالعزيز ثم الجذامي مرة ثالثة، ب- قرطبة: حمدين المنصور (538هـ - 539هـ) ثم أحمد (الثالث) سيف الدولة المستنر وقد خلعه ابن غانية سنة 541هـ ثم حمدين المنصور للمرة الثانية وانتهت سنة 541هـ، ج- مرسية: بدءاً من أبي جعفر أحمد الطاهر وحتى محمد بن أحمد بن سعد بن مردنيش البلنسي (542هـ-566). د- مارتلة (بطليوس وباجة) عمّال حمدين صاحب قرطبة وهما أحمد بن قاسي سنة 539 هـ، وسدزاي بن الوزير 546هـ عزله الموحدون. وبعد فترة الشغور أتت الفترة الأخيرة من السيادة الإسلامية وهي: أ- مرسية (بنو هود) من العادل بن المنصور وحتى عبدالله بن علي أشقيلولة، ب- نبلة: موسى بن محمد بن نصير بن محفوظ، ج- بلنسية: وتولاها محمد بن يوسف بن هود سنة (626هـ) ثم أبو شميل زيدان بن مردنيش (636هـ). خامساً: عهد المرابطين والموحدين: (أ): دولة المرابطين: بدءاً من أبي بكر بن عمر اللمتوني (448هـ - 462هـ) وحتى يحيى بن غانية آخر الولاة المرابطين سنة (543هـ)، ومن دولة المرابطين أبو يعقوب يوسف بن تاشفين وهو لمتوني صنهاجي بدأت ولايته في عام 463هـ. (ب): دولة الموحدين من 515هـ - 674هـ بدءاً من محمد بن تومرت المهدي وحتى أبو العلاء إدريس الواثق بالله أبو دبوس ثم قامت دولة بني مرين، سادساً: بنو نصر بغرناطة (مملكة غرناطة) بدءاً من محمد (الأول) بن يوسف بن نصر الغالب (635هـ-671هـ) إلى محمد (الحادي عشر) للمرة الثاني (وفي مصدر آخر محمد الثاني عشر) هو محمد بن علي بن سعد بن علي بن يوسف المستغني بالله بن محمد بن يوسف بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن يوسف (892هـ-897هـ). وفي 897هـ استولى فرديناند وايزابيلا على غرناطة.
الخرائط
وعوداً على ذي بدءاً استند محمد إلهامي في حديثه عن الفتح العربي الإسلامي في الشمال الإفريقي وإسبانيا (الأندلس) وفرنسة على خريطة الدكتور شوقي أبو خليل؛ حيث جعل الدكتور شوقي من خلال خريطته خط السير هكذا: عمرو بن العاص الذي وصل إلى الإسكندرية ثم إلى برقة، وعبدالله بن سعيد {هو سعد وليس سعيد} بن أبي السرح من برقة إلى سبيطلة في تونس {ساهم عبدالله بن الزبير مساهمة رئيسة في افتتاح سبيطلة بقتل قائد قوات الروم جرجيوس، بعث ابنً الزبير الخليفةُ عثمان بن عفان كمدد لعبدالله بن أبي السرح}. وأتى بعد ابن أبي السرح عقبة بن نافع فمشى من حيث ابتدأ ابن أبي السرح واستمر حتى وصل إلى طنجة ومن طنجة إلى سيو في المغرب ومن ثم أغمات ووصل البحر ثم عاد إلى (أم الربيع) في المغرب وعاد مرة أخرى باتجاه تونس إلى (نهودة). وبالنسبة لحسان بن النعمان فقد فتح قرطاج، وبناء على خريطة الدكتور شوقي - حسب فهمي لها - مشى الحسان من القيروان إلى قرطاجة ومنها إلى عنابة. ومشى أيضاً من القيروان إلى سبيطلة ثم إلى تبسة. وبالنسبة لطارق بن زياد وصل إلى وداي (لكة) الذي التقت فيه قوات الدولة الأموية بقيادة طارق بن زياد وجيش القوط الغربيين بقيادة الملك رودريك الذي يعرف في المصادر الإسلامية باسم لذريق. انتصر الأمويون في تلك المعركة انتصارًا ساحقًا أدى لسقوط دولة القوط الغربيين، وبالتالي سقوط معظم أراضي شبه الجزيرة الأيبيرية تحت سيطرة الأمويين. ومشى طارق - حسب فهمي للخريطة المذكورة - حتى وصل إلى (طليطلة)، كما وصل إلى (طلبيرة) وإلى شمالٍ منها مدينة (المالدة)، و(سرقسطة) واتجه حتى وصل (أسترقة). ومشى موسى بن نصير مطابقاً مرات ومحاذياً مرات لطريق طارق بن زياد غير أنه مر على (مادة) و(طلبيرة) التي لم يصل إليها طارق بن زياد - حسب قراءتي للأسهم في خريطة الدكتور شوقي أبو خليل. أما عبدالعزيز بن موسى بن نصير فمشى إلى مالقة وغرناطة ومرسية، ومشى غرباً من مالقة إلى اشبيلية، إلى يابرة شنترين، إلى قلمرية. أما بالنسبة للسمح بن مالك الخولاني الذي كان خلفاً للحُر بن عبدالرحمن الثقفي فقد مشى - حسب ما وضحته خريطة الدكتور شوقي أبو خليل - من سرقسطة إلى لاردة ثم إلى جرنية ثم إلى أربونة ثم إلى تولوز ومشى إلى أبنيون شمالاً ثم إلى ليون. أما عنبسة بن سحيم فأخذ يمشي شمالاً حتى سجل أقصى نقطة يصل إليها المسلمون شرقاً كما قيل وأنا أقول شمال غرب كما أرى في الريطة حيث مشى من ليون إلى ماسون وبعدها زحف إلى شالون ثم ديجون ولانجر وسانس. أما عبدالرحمن الغافقي صاحب معركة بلاط الشهداء فقد مشى بنبلونة إلى بوردو ثم زحف شمالاً إلى أنجوليم أو أنغوليم ثم إلى بواتييه وفيها تصادم الفريقان الإسلامي والنصراني الأول بقيادة عبدالرحمن الغافقي والثاني بقيادة شارل مارتل.
- يلاحظ في خطوط السير بعض المدن التي لم يتم ذكرها مثل «قرطبة» و«جبال البرينية» و«سبتمانيا» و{غالة» في خط سير السمح بن مالك. وبالنسبة أيضاً لـ « قرقشونة» و «أوتون» - على سبيل المثال - لم تذكر في خط سير عنبسة وعليه يرجى النظر في المراجع القويمة مثل كتاب: التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة لمؤلفة الدكتور: عبد الرحمن علي الحجي، وغيرها من المقالات.
وصلنا إلى نهاية هذه القراءة وآمل أن تكون مصدر تبصير لتلك الفترة الطويلة وما تخللها من صراعات ودول ودويلات وهذا بطبيعة الحال يشكل صعوبة في فهم - بالنسبة لي على الأقل - الأحداث بشكل تسلسلي. ولذلك وضعت الخرائط والجداول للتبسيط.
- المراجع المذكورة بتصرف يسير من حيث الاختصار.
- ولأن دولة بني مرين ذكرت باختصار؛ فيرجى الاستزادة بالرجوع إلى بحث استكمالاً للحصول على درجة الماجستير للطالب: عامر أحمد عبدالله حسن المعنون بـ: دولة بني مرين: تاريخها، وسياستها تجاه مملكة غرناطة الأندلسية والممالك النصرانية في إسبانيا (668هـ - 869هـ).
- كُتبت هذه المقالة على عجل إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
- بنو نصر بغرناطة هم بنو الأحمر.
**
- فهد بن سعد الدهمش الدوسري