عبيد محمد البريذع
زخرت مرحلة الثمانينيات الميلادية بتمرحل إيجابي للقصيدة الشعبية (من منظور نقدي)، تجاوز التميز إلى التفرّد، وتصدر الذائقة الرفيعة والمشهد في الحراك الثقافي الأدبي، وتحديداً فيما يخص الشعر الشعبي في تلك الحقبة عند بعض الأسماء في الساحة الشعبية التي جمعت بين موهبة الشاعر الحقيقي المطبوع لا المصنوع، وبين ألق نجومية هو - حق مستحق - لصاحب التجربة المتبلورة تماماً لقاء ما قدمه للشعر - وبالتبادل المنصف - قدَّم له الشعر، ومن بين تلك الأسماء - على سبيل المثال لا الحصر - الشعراء (نايف صقر، مساعد الرشيدي - رحمه الله -، ماجد الشاوي - عناد المطيري - صنيتان المطيري - طلال الرشيد - رحمه الله-، فهد عافت، سليمان المانع).
لذا بقي شعراء الثمانينيات الرقم الصعب في الساحة الشعبية وحفظ الكثيرون أبياتا من قصائدهم عن ظهر قلب بحيث لم تتجاوزهم أسماء كثيرة أتت من بعدهم في حضورها الزمني في الساحة الشعبية، فلا تكاد تذكر اسم شاعر من مرحلة الثمانينيات إلاَّ ويتذكر الناس له أبياتا عالقة في أذهانهم لجودة محتوى قصائدهم وثقافتهم العالية ومخزونهم اللغوي وحسهم البلاغي الرفيع، وسأورد هنا أبياتا من قصائد لهم ذائقة الصيت على سبيل المثال من ذلك قول الشاعر مساعد الرشيدي - رحمه الله- من قصيدة له غناها الفنان عبدالمجيد عبدالله.
عين تشربك شوف وعين تظماك
لا ذبحني ظماك ولا رويتك
إن طلبت الغلا قلت الغلا جاك
وان سكنت الخفوق البيت بيتك
بين فرحة لقاك وهم فرقاك
لا تذكّرت جرح ولا نسيتك
ومنها قوله:
قُمْت أخيلك هنا وهناك.. وهناك
وين ترحل بي النظرة لقيتك
ويقول الشاعر طلال الرشيد - رحمه الله - من قصيدة له غناها الفنان محمد عبده:
جتني وشافتها عيونٍ حايرات
ذا شعاع الشمس أو هذا سناها
ضاعوا اللي جوا معاها مسيّرات
وأقبلت تمشي تقل ما أحدٍ معاها
يا سنا الفضة ويا جيد المهاة
يا شذى نبت الخزامى في وطاها
ومنها قوله:
حققوا بالشوف في لون الشفاة
هو خذا منها الشفق وإلاَّ عطاها
ويقول الشاعر فهد عافت من قصيدة له غناها الفنان علي عبدالستار:
فتنة الحفل زيدي مشيتك بختره
كل خطوة بروق وكل نفحه صهيل
ومنها قوله:
من غدى الليل شعرك قلت أنا بسهره
ومن غدى الصبح وجهك قلت مالي مقيل
ومنها قوله:
وانحني مثل غصنٍ في طرفه أثمره
واوقفي مثل فزعات بدويٍ أصيل
في عيونك سوادٍ يستحيل آخره
كامنٍ في بياضٍ أوله يستحيل
ويقول الشاعر صنيتان المطيري من قصيدة له غناها الفنان سلامة العبدالله -رحمه الله-:
يا عيد مالك فرحةٍ في عيوني
نسيتني ما أدري زماني نساني
ما قدرت أفراحك تعانق شجوني
أحزاني أكبر من كلام التهاني
حاولت أجاري فرحتك وكشفوني
لا جيت أبضحك ما استمرت ثواني
ياخذني الماضي وأصارع ظنوني
واراجع أيامٍ مضت من زماني
أيام لو راحت حشا ما تهوني
نسيانها صعبٍ على من يعاني
ياليتهم يدرون من غالطوني
إن الهوى ما عاد له عصر ثاني