انتهى كل شيء وانتهت علاقة كانت يبدو عليها الارتباك والتضاد منذ بدايتها بين مانشيني والكرة السعودية، على الرغم من أنه وحتى كتابة هذه المقالة لم يتم الإعلان رسمياً عن إقالته.
ولا عجب في ذلك فالمسؤول عن ذلك وصاحب القرار في المنتخب آثر الانتظار ستة أشهر بعد رحيل رينارد حتى تعاقدوا مع مدرب جديد للمنتخب وقبل أربعة أشهر من كأس آسيا لذا فليس مستغرباً أن تتأخر إقالته ولن أستغرب إن تأخروا في إيجاد البديل، لم تكن مشكلتي مع مانشيني أسلوب اللعب أو الأفكار أو حتى تنظيم الفريق داخل الملعب، ولم أكن متعصباً لفكرة تغيير شكل الفريق بدرجة كبيرة وإن كنت لا أتفق معها، بل مشكلتي في مانشيني نفسه والذي لا أدري كيف يتحمل هو نفسه فما بالكم باللاعبين.
أولى الصدامات كانت قبل بطولة آسيا حين أعلن عن مشكلته مع اللاعبين الذين تمردوا على المنتخب حسب وصفه وانقسم الشارع الرياضي بين مؤيد له ومعارض، ولكن المتفق عليه أنه بهذا الإعلان وقبل مباراة مهمة وانطلاقة أولى للمنتخب في هذه البطولة فقد أوجد الضغط عليه وعلى باقي الفريق، تلاها تصريحه الذي استفز الشارع الرياضي السعودي في المؤتمر أثناء البطولة حين قال إن المنتخب السعودي غير مرشح للمنافسة على تحقيق اللقب، وإن كان ذلك صحيحاً أو منطقياً فليس من المقبول المجاهرة به لقيمة وسمعة المنتخب وحرصاً على عدم تثبيط اللاعبين، أما القشة التي قصمت ظهر البعير فهو هروبه وتخليه عن المنتخب واللاعبين في أهم أوقات البطولة، ومن هنا في ظني تولّدت حالة عدم التوافق أو القبول بين الطرفين، فأغلبية الشارع لم تعُد تتقبل هذا المدرب واللاعبون أيضاً، والمدرب يريد نتائج دون أي عاطفة أو مشاعر تتولد بينه وبين اللاعبين.
استمر العمل وبتنا نسمع في كل معسكر قصة خلاف أو توبيخ من المدرب لبعض اللاعبين حتى أتينا إلى بداية التصفيات النهائية والتي أظهر منتخبنا بشكل فني متواضع للغاية دون أي حلول منه، بل الأدهى من ذلك أنه منذ الجولة الأولى بدأت الأمور تصل لذروتها حيث بات يرمي بالأعذار من حيث احتراف لاعبي اندونيسيا إلى عدم احتراف أو مشاركة اللاعب السعودي وغيرها من الأعذار في ظل صمت مطبق وتأييد من الإتحاد السعودي لما يقوم به مانشيني وما يفعله مع اللاعبين وفي المؤتمرات الصحفية وبات مكابراً على سوء المنتخب داخل الملعب وما يحدث في التمارين وداخل غرف الملابس حتى وصلنا إلى مرحلة أن الكل باع الكل، فالاتحاد السعودي قرر بعد مباراة البحرين أن ينجو بنفسه ويتخلى عن مانشيني ويضعه وحيداً في مواجهة الشارع الرياضي، أما مانشيني فكعاداته استمر بتخليه عن المسؤولية ورميها بشكل صريح على اللاعبين والذين لم يُدافع عنهم منذ أن حضر للمنتخب.
وسؤالي هنا: لماذا الأستاذ ياسر المسحل وضع نفسه في مكان المحاسب وهو من يتحمل هذه النكسة وهو أول من يُفترض أن يُحاسب، ما الفائدة التي سيجنيها المنتخب عند تحمل المسحل المسؤولية لكل ما سبق؟ فالتغييرات يجب أن تطال إدارات كثيرة أولها إدارة المنتخب والتي أخفقت بشكل كبير في احتواء كل هذه الأزمات بين اللاعبين والمدرب بل أنها باتت في صف المدرب في كل معاركه وفي لمح البصر تخلّت عنه، أما الاتحاد السعودي فهو مازال مستمرا بالإثبات أنه أقل بكثير من هذه المرحلة وهو الذي قبل مانشيني مطالب بالاستقالة.
رسالتي
من يضع نفسه موضع المسؤولية يجب أن يضعها أيضاً عند المحاسبة ، ليست الشجاعة فقط بتحمل المسؤولية بالقول بل الشجاعة بمحاسبة النفس والإقرار بالفشل وتغليب المصلحة العامة والتنحي عند العجز، وغير ذلك فهو حديث للاستهلاك الإعلامي لا أكثر.
** **
محمد العويفير - محلل فني
X: owiffeer