بقلوبٍ مؤمنةٍ بقضاء الله وقدره فقدت أسرتا المالك والجعيب الفاضلة: (هيا بنت سالم الجعيب) أرملة ابن العم محمد بن عبدالله المالك -رحمه الله- التي انتقلت إلى جوار ربها يوم الثلاثاء 20 يناير 2025 أسأله سبحانه أن يتغمدها بواسع رحمته، ويسكنها فسيح جناته، وينزلها مُنْزَلَاً مُبَارَكَاً.
كانت الفقيدة -رحمها الله - أنموذجاً في الصبر والاحتساب، حيث فقدت زوجها وضرّتها (زوجته الثانية) ورحمهما الله عام 1394 في حادثٍ مؤلم وكانت في ريعان الشباب، فكرَّست حياتها لرعاية أبنائها وإخوانهم وأخواتهم من الزوجة الفقيدة، فجسدت معاني الأمومة بأبهى صورها في تضحيةٍ نادرةٍ نابعةٍ من شعور عميق بالمسؤولية تجاه الأبناء وإخوتهم الصغار فاتسع قلبها للجميع وشملتهم بحبها وحنانها ليصبحوا جميعًا بمثابة أبناءٍ لها لا فرق بينهم، فصنعت هذه الأم بشهامتها وإيثارها من التحديات نجاحًا ومن الألم قوة، بفضل من الله ثم حكمتها وإرادتها واحتسابها. فكبر الأطفال على يديها وأصبحوا رجالاً ونساءً - ناجحين وصلوا لأعلى المراتب وأرفع المناصب فتعلّموا منها ملتزمين قيم دينهم وتحمّل مسؤولية الإتقان بالعمل فكسبوا احترام ورضا الجميع بأفعالهم وسيرتهم العطرة، فكانت الراحلة رمزاً للأم العظيمة التي آثرت أبناءها وإخوتهم وأخواتهم ولم تُفكر إلا في مستقبلهم، فكانت لهم السند والداعم في كل مراحل حياتهم فنالت -رحمها الله - كل التقدير والاحترام من الجميع لأنها بحق مدرسة في التضحية ودرسٌ للأجيال في الحب والإيثار وإنكار الذات حتى قبل الحادث المفجع استطاعت التعايش مع جارتها بودٍّ ووئام فقدمت درساً للغير ينهلوا من معينه، بل قدمت صورةً راقيةً من صور الإنسانية استطاعت من خلالها أن تعيش مع جارتها الراحلة بروح المحبة والتفاهم مما انعكس على رضا وإسعاد زوجها تستحق من خلاله كل الإشادة، إلى جانب أنها نموذجٌ يعكس قيمًا نبيلةً من الإخاء والاحترام المتبادل بنبذ حواجز الأنانية والاختلافات وحل محلها التقدير والاحترام.
إن هذه العلاقة ليست مجرد تعايش، بل هي نموذج يُحتذى به في بناء مجتمع مترابط ومتماسك لعلها دعوة لنا جميعًا لنقتدي بهما، فالمحبة والود هما أساس السعادة الحقيقية وفي الختام لا يسعني إلا أن أقول إنّ فقدنا لك (يا أم علي) خلّف في قلوبنا وقلوب أبنائك وبناتك وكل من عرفك من الأسى الكثير لكنها حكمة الله سبحانه وعزاء الجميع أنك تركت إرثاً من المحبة والخير والابتسامة التي لا تُنسى أبداً..
وللجميع خالص العزاء والمواساة، سائلاً العلي القدير أن يلهمهم الصبر والسلوان. رحمك الله رحمةً واسعةً وأسكنك فسيح جناته، وخير ما نردد: {إنّا لله وإنَّا إليه راجعون}.. والحمد لله على قضائه وقدره.
** **
محمد بن دخيل المالك - الرس