الانتساب للبلدان والأقاليم لدى العرب وغيرهم من الأفراد والشعوب مشهور، فيقال فلان المكي، وتزخر بذلك كتب التاريخ والرجال والأنساب، ومنه الانتساب إلى الدول فيقال فلان السعودي، والانتساب للأقاليم فيقال النجدي والانتساب للمدن فيقال المديني، وتكون النسبة بإضافة كلمة (أهل) فيقال أهل السعودية، ويقال (أهل العارض) ويقال (أهل أبها)، ومن الانتساب إلى المدن الانتساب للرياض عاصمة المملكة العربية السعودية (أهل الرياض)، حيث برزت عند تعداد أبرز المشاركين فيذكر مشاركة (أهل الرياض) ويقال فلان من (أهل الرياض)، وبرز ذلك عند تعداد المشاركين في استعادة الرياض على يد المؤسس ورجاله كما ذكر في كتاب (الرواد) الصادر عن دارة الملك عبدالعزيز.
متى سميت الرياض بهذا الاسم؟ بعد تتبعه التاريخي لما ذكره مؤرخو الدولة السعودية الكبار أمثال المنقور، وابن ربيعة، وبن عباد وابن غنام وابن لعبون وغيرهم يجيب الأستاذ عبدالله بن محمد السليمان: (إن اسم مقرن هو الاسم الأصلي للمدينة، ثم بدأ يطلق اسم الرياض عليها وما حولها، ليس من أهلها بل من أهل القرى والمستوطنات المحيطة بها من الخارج؛ لما تحتضنه من رياض ومناطق خضراء وبساتين، وبدأ هذا الاسم يظهر ويشتهر منذ أواخر القرن الحادي عشر الهجري... الخ)، أما المؤرخون المعاصرون فمن خلال تتبعي لما كتبوه، فيقول العلامة حمد الجاسر: (وفي القرن الثاني عشر أطلق اسم (الرياض) على ما بقي من المحلات القديمة من مدينة حجر (معكال) و(مقرن) و(العود) وغيرها، وما حولها من الأرض الواسعة.. ولهذا صارت تدعى (الرياض) ويقول المؤرخ عبدالله بن خميس (الرياض: كجمع الروضة مأخوذ من طبيعتها وتكوينها، ومن ثم سميت (الرياض)... يحوط أكثرها سور بناه (دهام بن دواس) في أول القرن الثاني عشر الهجري...الخ)، وذكر خالد بن أحمد السليمان عند حديثه عن بلدة مقرن فقال: (بلدة قديمة عامرة كانت قاعدة الحكم والإدارة في مدينة الرياض في القرن التاسع والعاشر والحادي عشر الهجري، وقد اتحدت مع معكال في زمن دهام بن دواس وسمي البلد (الرياض)... الخ)، ومن أوائل من قام بالحديث عن مسمى (أهل الرياض) ووضع له ضابطاً وحداً هو الأستاذ أحمد بن محمد السليمان في مقال له في مجلة العرب، فيقول: (وقبل أن أتحدث عن أهل الرياض ينبغي لنا أولاً أن نحدد من هم (أهل الرياض) في العرف السائد، فأهل الرياض الذين نحن بصددهم هم سكان الرياض منذ القدم حتى تاريخ فتح الملك عبدالعزيز للرياض في 5 شوال عام 1319هـ، فمن كان من سكان مدينة الرياض في هذا التأريخ أو قبله فهم الذين نطلق عليهم أهل الرياض، يضاف إليهم سكان الدرعية وعرقة ومنفوحة والمصانع، لقربها من الرياض واختلاط هذه الأسر بأسر الرياض.. الخ).
حملت هذا السؤال (من هم أهل الرياض؟) وطرحته على عدد من المؤرخين المعاصرين والمهتمين، فكانت الإجابات على النحو التالي: أ. د. عبداللطيف الحميد من دارة الملك عبدالعزيز - سابقاً - :(بعضهم جعل من كان قبل استرداد الرياض 1319هـ بالرياض فهو من أهل الرياض ومن كان بعدها فهم من أهل قرى نجد)، ويؤكد ذلك د. راشد بن عساكر: (لا يوجد ضابط لكن حسب العرف وهو أن الأسر الموجودة في الرياض قبل دخول الملك عبدالعزيز واسترداده للرياض عام 1319هـ، فقبل هذا التاريخ يطلق عليهم أنهم أهل الرياض)، وأما الأستاذ عبدالله السليمان فيقول: (أهل الرياض حدد من هم كل من الشيخ حمد الجاسر وكذلك أخي الشيخ أحمد بن محمد بن سليمان، ويطلق على أهل الرياض من كان ساكناً الرياض عند استرداد الملك عبدالعزيز للرياض عام 1319هـ)، وأما الأستاذ منصور الشويعر فيقول: (حسب تقديرات دارة الملك عبدالعزيز، ما قبل دخول الملك عبدالعزيز الرياض عام 1319هـ المتواجدين داخل الأسوار هم أهل الرياض)، وأما الأستاذ محمد الحوطي: (إنهم من كانوا في الرياض داخل السور والمزارع التي حوله وقت دخول الملك عبدالعزيز واسترداده للرياض)، والأستاذ خالد المحيسن: (جرت العادة أنهم يطلقون اسم أهل الرياض على اللي موجودين فيها قبل ما يستردها الملك عبدالعزيز)، أما الأستاذ عبدالله السالم: (أعتقد أن من يطلق عليهم أهل الرياض هم الذين كانوا يسكنون منذ فتح الرياض عام 1319هـ في أحياء داخل السور القديم للمدينة، إلا أن المسمى يشمل أيضاً أهل النخيل خارج السور ومن نزحوا للرياض من القرى والبلدان القريبة منذ زمن بعيد).
ويبقى الخلاف فيمن سكنوها بعد استعادة الرياض عام 1319هـ حتى توحيد المملكة في عام 1351هـ.
**
- محمد فهد بن نجيفان