في حوار مع الأديب والكاتب الشاعر عبدالله الجفري، بمجلة الدوحة العدد 88 - إبريل 1983م كان السؤال التالي:
من أنت.. ومن أين أتيت.. وما هي طبيعة أحلامك؟
فأجاب الجفري قائلا:
إنني أجئ من خارج الزمان لأقتحمه وأتفاعل معه، وأنصهر وأحترق وأغتسل، وأحاول أن أضيء!
إنني ابن هذا الزمان.. بكل ما اختزن من أحلام!
إن أحلامي هي وطن في الإنسان وإنسان للوطن.
ومن خلال النغم الذي يشع في النفس: رؤية للآن وانتظارا للغد!!
أتى الجفري من خارج الزمان.. وها هو يغادرنا ويغادر المكان إلى الأبد مضى بسرعة وبشكل مفاجئ. غاب نبض المتعبين، المكتنز بآلام الناس، بخواطر الأيام، والمعذب بجمال الأفانين وبُعد الانتظارات وتداعي الأمل والاغتراب.
كان غيابه صعبا بالنسبة للكثيرين، وأنا واحدة منهم، نظرا لتعلقي بكل ما كتب وترقبي لكل جديد يكتبه، ومتابعتي الدائمة للأعمدة التي يكتبها في الصحف والمجلات وخصوصا عمود (ظلال) الذي كان يكتبه في جريدة عكاظ، إن المتابع لهذا العمود يشعر أن الجفري في كل مقالاته إنسان يعيش في المسافة - ما بين الضوء والظل - وما بين الحقيقة والوجدان المفعم بالمشاعر المتمردة والقلقة.. وهذا القلق هو الذي يعطيه جذوة الفنان المبدع.
يصعب عليّ الحديث عن الجفري بصيغة الماضي، بصيغة الغياب الكلي والكامل، لكن الموت إذا تدخل لا يترك أي أمل أو أي رجاء، إنه يتدخل ليحسم الأمر، وربما كل شيء. يأتي عاصفا قاسيا، فيبهت الإنسان، يصدق أو لا يصدق، لكنه يصبح الحقيقة الكلية، وربما الوحيدة.
غاب الجفري عن المكان.. لكن ترك أثره الذي لا يغيب... ترك لنا اللغة الشاعرة الإبداعية، وروح التعامل مع الفن مثلما يتعامل مع الحياة. لقد ترك لنا أعمالاً تذوب فيها الحدود بين الأجناس الأدبية (شعرية، درامية، سردية في بعض الأحيان) بقدر ما تذوب فيه المسافات بين الأزمنة والأماكن والأنا الآخر، بحثا عن المعنى في تجربة إنسان العصر المغترب الذي يتجاوز بأزمته وطموحاته حدود التصنيف. وبذلك استطاع أن يخرج من خصوصية الأدب السعودي المحلي إلى عمومية الأدب العربي، وخاطب الإنسان في كل أرض عربية، وعندما يخاطبنا سياسياً فإنه يخاطبنا وجدانياً وهو بهذا يشبه الشاعر - نزار قباني - رحمه الله -، وكلنا أمل أن يكرم الغائب عبد الله الجفري بالطريقة التي تليق به وذلك بأن تُنشا جائزة للثقافة باسمه وأن نجمع ما كتبه ليكون هذا الإرث درسا في الفكر والصحافة والأدب للأجيال القادمة.
من مؤلفاته:
- جزء من حلم (رواية)
- الجدار الآخر (مجموعة قصصية)
- الظما
- حياة جائعة
- حوار وصدى
- العاشقان (رواية)
- المثقف العربي والحلم
- العشب فوق الصاعقة
- أبواب للريح والشمس
حصل على عدة جوائز.. هي:
- الجائزة التشجيعية في الثقافة العربية للإبداع الأدبي من (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) التابعة للجامعة العربية تقديرا على كتابه (حوار في الحزن الدافئ).
- شهادة تقديرية من (الجمعية العربية للفنون والثقافة والإعلام) التي أسسها الروائي المصري الراحل (يوسف السباعي) تقديرا لإنجازاته الأدبية.
- جائزة (المؤتمر الثاني للأدباء السعوديين) الذي نظمته جامعة أم القرى بمكة المكرمة عام 1998م تقديرا لدوره البارز في إثراء الحركة الأدبية والثقافية في المملكة العربية السعودية.
- جائزة جمعية مصطفى وعلي أمين للصحافة تقديرا لمقالاته الرائعة في عموده اليومي (نقطة حوار) بصحيفة الحياة الصادرة من لندن.
- جائزة (المفتاحة) لعام 1421هـ - 2000م التي يرأسها الأمير الشاعر خالد الفيصل تقديرا لجهوده المتميزة في الكتابة والصحافة.