يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءة فإن كانت قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سناً).
المدخل من هذا الحديث ما يحصل في مجتمعنا بشكل عام والمجتمع التشكيلي على وجه الخصوص، حيث على عكس الترتيب الذي نراه في الحديث لأولى الناس بالإمامة، والذي من المفترض أن نقتدي به في سائر معاملاتنا، نجد أن عدد سنوات العمر هي الفضيلة الأولى التي يتم اختيار الأشخاص على أساسها في بعض الحالات، بل أيضاً يتم تقديم رأي الكبير على الصغير وإن كان الأصغر أعلم في مجاله وأكثر خبرة بسبب صغر سنه مقارنة بالآخرين، بل لمع على الإعلام شخوص استطالت تشكيلياً بعدد سنوات عمرها بدون موازاة لتلك السنوات في العلم والخبرة.
ونقصد هنا بالعلم التعليم الأساسي في المجال التشكيلي والذي يعتمد أساساً على الانخراط في أكاديميات الفنون التشكيلية أو ما يوازيها مثل أقسام أو معاهد التربية الفنية لدينا، وإن كانت أقل جودة إلا أن الدورات التدريبية البعض منها أيضاً ينطبق عليه القياس في العلم.
ونقصد بالخبرة عدد سنوات الممارسة الفعلية، فالبعض لم يمارس الفن التشكيلي إلا من سنوات قليلة جداً، والبعض بدأ في الممارسة منذ أمد ولكن لا يكاد يمسك الفرشاة أو السكين (الأداة التي تستخدم في التصوير الزيتي) سوى على حد قول فيروز (كل سنة مرة). وهناك فئة ممارسة ولكنها محصورة في مجال أو أسلوب محدد أكل عليه الدهر وشرب، بل تصد نفسك من زيارة معارضه لأنها تكرار واجترار لا جديد فيه.
لذا هل يمكن استخدام السن كمقياس لتقديم هذا أو تلك في المنابر كمتحدث أو كقائد؟ لا أعتقد، فأنا شخصياً أفضل شاب أو شابة لم يتجاوز الثلاثين ممن تسلحوا بالعلم، والممارسة الدؤوبة، والفكر المحدث، في قيادة نشاط تشكيلي أو الحديث عبر منبر، فمنهم نستفيد، لأن عدد سنوات العمر دون أن تنقضي في المجال الذي يهمني هي أرقام لا قيمة لها سوى عند صاحبها.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة «7816» ثم أرسلها إلى الكود 82244