الأستاذ عابد خزندار من بيت كبير من محلة القشاشية بمكة، وأبوه الشيخ محمد علي كان من كبار موظفي وزارة المالية، عندما كانت هذه الوزارة ذات مديريات ودواوين تحول بعضها إلى وزارات مثل الحج والموظفين وما يعرف الآن بالخدمة المدنية، ودار والده كانت ملتقى لبعض أهل الرأي من المجتمع حيث تدور أحاديث شتى عن شئون البلد، وعندما اشترى والده مكتبة دبّوس أبناء عم بجدة، والتي كان من خدماتها توزيع الصحف والمجلات تهيأت فرصة للأستاذ الخزندار للتعامل والتفاعل مع البيئة، وملاحقة الواقع وهما من أهم الركائز في البنيان الحضاري ومقومات التقدم في موكب مسيرة الإنسان، وهما كذلك اللتان تقومان بتقطيع مفاصل الجمود للانطلاق لرؤية مستنيرة نحو التجدد الذي يصور العقيدة والأصالة في رحاب استيعاب الدوافق ذات الجوانب المتعددة والمتباينة، والقدرة على الانتقاء بين طروحات الجميل والحميل، ولقد تشرّب الأستاذ عابد هذه المعاني ووظفها فيما يكتب، فجعلت معياره القناعة في طرح أفكاره ونوعية معالجاته للأمور، وربما هذا قد جعل علاقاته مع القيادات الصحفية تتعرض لشيء من عدم الوفاق، فهو لا يستطيع أن يتجافى مع طبعه، وما عهدت فيه التلاين أو الانثناء، وهذه الخصيصة تكلف من يتحلى بها عسرا ورهقا، لأنها تطوقه كمعايشة لا تعصمه من الخطأ، ولكنها تحسن رجوعه للصواب.
رئيس تحرير جريدة الندوة السابق