إعداد: محمد المنيف
يمكن اعتبار معرض نوافذ في محطته الثانية (إيطاليا) من أهم المعارض التي تساهم في إبراز الجانب الثقافي المتطور عالمياً في سياق مسيرة نهضتنا الحضارية في مختلف المجالات، وإذا كانت إقامة المعرض عام 2007 في الرياض حدثاً جديداً يُضاف إلى ما هو متعارف عليه في المعارض التشكيلية قامت على تنظيمه وزارة الثقافة والإعلام وجمعية النهضة النسائية الخيرية بالتعاون مع السفارة الايطالية، شارك فيه ثماني عشرة سيدة سعودية، وثلاثون سيدة إيطالية، كل في تخصصه، سيأتي الحديث عن مشاركاتهن في سياق هذا التقرير الذي أعدته الأستاذة رنا المرعي رئيسة قسم الإعلام بجمعية النهضة، إضافة إلى ما قدمته الزميلة الأستاذة مها السنان الناقدة والكاتبة بالجزيرة الثقافية عبر زاويتها باعتبارها إحدى المشاركات في تقديم محاضرة في هذا المجال خلال إقامة المعرض في إيطاليا.
هذا المعرض، وبما تضمنه، لفت إليه أنظار المهتمين بمثل هذه الأنشطة الإنسانية المهمة في بناء ثقافة الإنسان والتعريف بثقافات الآخر وكيفية الاندماج فيها والتعامل معها بخط متواز يحفظ لكل ثقافة خصوصيتها. وإن إقامة المعرض في إيطاليا وبالذات في متحف روما تراستيفيري بساحة سانت إيجيديو 1-ب تعتبر مرحلة أكثر أهمية لما لها من دور في تعريف الزائر الإيطالي بشكل مباشر على نماذج من الإبداعات الإنسانية المتنوعة التي اشتمل عليها المعرض وقدمت بشكل جميل يمكن اعتباره أسلوبا مبتكرا في المعارض، حيث تعددت فيه الجوانب الحسية والبصرية من خلال عرض ما يمكن التعامل معه بالحواس الخمس (السمع والبصر واللمس والتذوق والشم)، إضافة إلى الحركة، هذا المعرض أجاب عن العديد من الأسئلة حول المرأة السعودية ودورها في بناء التنمية ومستوى وعيها وثقافتها وقدراتها الإبداعية.
نوافذ في إيطاليا الأكثر أهمية
تقول الأستاذة رنا المرعي للمجلة إن من أهداف المعرض دعم العلاقات الفكرية والثقافية بين البلدين والتبادل المعرفي والتواصل بين الثقافتين وتبادل الخبرات والاستفادة من التجارب النسائية في المجتمعات الأخرى وبالتعاون مع السفارة الإيطالية التي تتطلع إلى توطيد العلاقات النسائية السعودية الإيطالية. وتضيف الأستاذة رنا أن معرض (نوافذ) للحرف اليدوية والفنون التشكيلية سبق وأقيم في الرياض بتاريخ 2-5-1428هـ الموافق 19-5-2007م، في المتحف الوطني بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي، وأقيم في مدينة روما بدولة إيطاليا وذلك من يوم الأربعاء 17-6-1430 هـ الموافق 10-6-2009م. وعن المشاركين قالت: شارك في المعرض 18 فنانة سعودية و 30 فنانة إيطالية, جمعتهن قواسم مشتركة فتحن من خلالها قنوات تواصل جديدة على مستوى المهارات والتجارب الفردية التي تتمتع بها المرأة في مختلف مجالات الحياة وفي كلتا الثقافتين، حيث يحتوي المعرض على ثلاثة أنواع من المهارات، أولها مهارة (الحرف اليدوية) باختلاف أنواعها التي تعد جزءاً من التراث الحضاري المتمثلة في المنسوجات، المجوهرات والحلي، الفخار والخزف، الزجاج، الأزياء الشعبية والملابس التراثية التقليدية, والثانية مهارة (الأدب) المتمثلة في الكتابة، الشعر, السير الذاتية والتجارب الفردية والفلكلور الشعبي، أما المهارة الثالثة ففي المطبخ الشعبي والوصفات التقليدية.
هذا، ودار المعرض حول محورين أساسيين هما: الأصول المشتركة والتنوع فيما يعرض ومقارنة الماضي بالحاضر، وبناء الجسور بين الحضارتين الغربية والشرقية. واختتم المعرض بعمل جولة في أنحاء المتحف لاستعراض امتزاج الفن الإيطالي بالفن السعودي.
إشادة عالمية
وقد أُقيم على هامش المعرض مؤتمر صحفي ثان في المتحف بنفس يوم الافتتاح، ألقى فيه السفير الايطالي السيد اويجينيو داوريا كلمته قائلاً: أرحّب بكن جميعاً وبجميع من ساهم وقدم الدعم لنا ولجميع الرعاة المشاركين لإقامة هذا الحدث على أرضهم. كما أشاد بدور جمعية النهضة وعلى رأسها صاحبة السمو الملكي الأميرة سارة الفيصل رئيسة الجمعية وصاحبة السمو الملكي الأميرة موضي بنت خالد بن عبدالعزيز التي رحبت بتطبيق الفكرة في تجسيد هذا المعرض، وأشاد بدور كل من الفنانات السعوديات والايطاليات بما يمتلكنه من إمكانيات عالية في المجالات الثقافية والفنية والتصوير الفوتوغرافي والأدب. كما عبر عن سعادته بهذا اليوم الذي تلتقي فيه الفنانات السعوديات بالشعب الإيطالي للتعرف عن قرب على الفن السعودي الأصيل بعد أن تم لقاء الفنانات الإيطاليات بالمجتمع السعودي في عام 2007م. وأضاف قائلاً: إن المعرض أُقيم بين البلدين وبينهما جانب مشترك وهو الفن والآخر بمشاركة النساء فيه، وقد أوضح لنا أن المرأة السعودية والعربية موجودة وحاضره ولديها ثراء وغنى ثقافي كبير لا يمكن معرفته إلا بالقرب منه. متمنياً أن يلاقي هذا المعرض صداه الطيب مع الجمهور الإيطالي والعالمي لزوار المعرض، مؤكداً أن مشاركة الفنانات السعوديات في معرض نوافذ ستعزز العلاقات الثقافية بين البلدين وتعرفنا أكثر على الثقافة السعودية.
ثم ألقى سعادة السفير الأستاذ محمد الجارالله، سفير المملكة بإيطاليا، كلمة رحب فيها بالفنانات السعوديات وقدومهن لروما ووجودهن إلى جانب فنهن وإبداعاتهن الجميلة، مؤكداً نجاح هذا المعرض بعد نجاحه الأول في المملكة، كما تقدم بالشكر الجزيل للسفير الايطالي وحرمه لجهودهما الساعية في إتمام هذا المعرض، كما شكر معالي السفير بلدية روما على ما قامت به من جهود، وشكر أيضا سعادة سفير إيطاليا بالرياض اوجينيوداوريا وشكر معاليه الفنانات السعوديات والقائمين على الجمعية الذين ساهموا في إنجاح هذا الحدث المهم وأن يتم بشكل جيد ومنظم، ثم رحب بالحضور وبالتبادل بين الثقافات والحضارات الجميلة التي تمت بين ايطاليا والسعودية، والتي توحدت بين البلدين بلغة الفن المشترك بين الفنانات السعوديات والإيطاليات.
من جانبه عبر معالي عمدة بلدية روما السيد جاني أليمانو عند افتتاحه المعرض قائلاً: (إن العيش السلمي المشترك في إطار من الاحترام المتبادل لهوية الجميع هو لحظة ضرورية لمسيرة إعادة روما لتكون مدينة الحوار المفتوح؛ فهذه قيم قوية بيننا تمثل ثروة حقيقية وفعلية من خلال اطلاعنا على الثقافة السعودية عبر نافذة أعمالهن الفنية والتعرف على ثقافتهن وحضارتهن والتعرف على أحاسيسهن الوجدانية والتقاليد التي تبدو لنا بعيدة، ولكن في الحقيقة تجد فيها من الثراء الكبير للثقافة المتشابهة مع فناناتنا الايطاليات في التعبير عن ذلك فنياً، وبذلك تعود لنقطة توازنها الطبيعية). وقام بجولة مع السفير الإيطالي والسفير السعودي وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي وعدد من السفارات الأوروبية والعربية والمهتمين والمهتمات من مجموعة من الزوار والزائرات وعدد من الفنانين التشكيليين والفوتوغرافيين والاحترافيين بأشكال الفن في العالم.
نخبة منتقاة وتنوع في الفنون
شارك في المعرض 18 سيدة سعودية هن: الأميرة أريج بنت تركي بن ناصر بن عبدالعزيز آل سعود (فن تشكيلي )، الفنانة أمل التويجري (فن تشكيلي بالزخارف على الفخار والخزف)، وفاء يوسف البيك بهاي (فن تشكيلي تصويري)، الأميرة نورة بنت عبدالله بن محمد آل سعود (فن صناعة الأطياب)، لمياء صالح مريشيد (فن الخزف)، مريم العمري (فن طباعة المنسوجات والصباغة)، نوال مصلي (فن زيتي تشكيلي)، هند باعشن (فن تصميم القطع الفضية وصياغتها في الحلي)، هالة سامي الخضيري (فن الزجاج الساخن)، شادن التويجري (فن تشكيلي تصويري بالرسم)، زينب الخضيري (فن الرسم على الزجاج)، مسعودة قربان (فن الصياغة والميناء والمعادن)، سوزان باعقيل (فن التصوير التشكيلي)، حلوة العطوي (فن الخزف)، هيلدا إسماعيل (فن التصوير)، لاما السديري (فن تشكيلي)، سلوى عثمان الحقيل (الفن التشكيلي وفن حشو التمور في الوصفات التقليدية)، منال الضويان (فن التصوير الفوتوغرافي). كما شارك مركز النهضة للتراث التابع لجمعية النهضة ممثلاً في السيدة سمية بدر مديرة المركز (فن تصميم الأثواب التراثية)، الذي أصبح شركة مستقلة تحت اسم شركة فنون التراث.
محاضرتان عن المملكة وفنونها التشكيلية
هذا، وقد تمت استضافة المحاضرتين السعوديتين، هما الأستاذة ثريا العريض حيث قامت بإلقاء محاضرة بعنوان (المملكة العربية السعودية: الطريق إلى مستقبل مخطط)، والأستاذة مها السنان بمحاضرة بعنوان (الفن المعاصر في المملكة ودور المرأة السعودية في الحركة الثقافية خلال أيام المعرض). وكان المعرض يدور حول محورين أساسيين، هما الأصول المشتركة والتنوع فيما يعرض، ومقارنة الماضي بالحاضر، وبناء الجسور بين الحضارتين الغربية والشرقية.
واختتم المعرض بعمل جولة في أنحاء المتحف لاستعراض امتزاج الفن الإيطالي بالفن السعودي. وتختتم الأستاذة رنا المرعي تقريرها قائلة: إن المعرض ألقى الضوء على جوانب مهمة من أسلوب حياة المرأة من الناحية الاجتماعية والمهنية والعادات والتقاليد السائدة في كلا البلدين، وعمل على إبراز صورة مشرقة ومشرفة عن المرأة بشكل عام وعن إنجازاتها في هذه النواحي بشكل خاص، من خلال اجتماع ثلاثين حرفية سعودية و30 حرفية إيطالية مؤهلات لحد كبير في مجال الحرف اليدوية والفنون التشكيلية بهدف التعريف بعراقة الحضارتين السعودية والإيطالية من خلال أعمالهن الفنية والفكرية؛ حيث لاقت إعجاب الجميع والزوار بنجاح المعرض وبنجاح الفكرة الرئيسية وراء إقامة هذين المعرضين.
monif@hotmail.com