الثقافية - منصور المشوح
ما زال كثيرٌ من المفكرين يبحثون عن سبب جنون الفيلسوف الألماني الشهير فريدريك نيتشه، وقد حاولت هنا أن أضع بين أيديكم كلّ ما قد وقع في يدي من الأسباب، وذلك في ضوء ما قرأت.
ففي رواية العصفورية يذكر د. غازي القصيبي على لسان (البروفسور) بأنه نيتشه قد جن نتيجة فلسفته، حيث حاول أن يكون السوبرمان فأصبح المجنون، انظر: ص 195.
بينما يرى (وِل ديورانت) بأن جنون نيتشه كان سببه المرض الذي أنهكه، وضعف البصر الذي أوشك أن يقترب به من العمى، إضافة إلى أوهام العظمة والاضطهاد، انظر قصة الفلسفة، ص 337.
أما صاحب كتاب (هكذا سكت نيتشه هكذا تكلم زوربا) فيرى بأن سبب جنونهِ هي العزلة التي كان يدعو إليها، انظر: ص 81.
في حين يرى (جمال مفرج) في كتابه (الإرادة والتأويل)، بأن سببهُ - أي الجنون - هي تلك الفجوة الواقعة بين الإيمان والإلحاد والتي كان يعاني منها نيتشه، انظر ص 63.
أما عادل الآلوسي فيقول: لقد انقسم الأطباء والنقاد بشأن الأسباب التي أدت إلى جنون نيتشه، وتدل الأبحاث الأخيرة على أن مرضه - أي نيتشه - كان نتيجة مرض جنسي أصيب به يوم كان تلميذاً بسبب اتصاله بإحدى البغايا، وهذا المرض كان كافياً كما يرى المحللون لإصابة الإنسان بالجنون، انظر (الإنسان والعبقرية) ج/ 4 ص 58.
أما (توماس برنهارد) فقد أشار - كما جاء في الشرق الأوسط - إلى أن ما يسبب الجنون هو التقصير في تفريغ الثروة الفكرية المجتمعة في العقل وعدم إلقائها خارج نافذة الدماغ، ولذا فهو يرى أعني (برنهارد) بأن هذا السبب هو ما أدى إلى انفجار رأس نيتشه وولوجه حينئذ عالم الجنون.
وعليه فإن الأركيولوجي (ميشيل فوكو) في كتابه (تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي) ص 539 يقول: (إن العمل يطرد الجنون إلى أطرافه، وحيث يكون العمل ينعدم الجنون (لكنه عاد لينقض قوله السابق قائلاً: (إن الجنون متزامن مع العمل) إشارة إلى نيتشه الذي جن بعد أن عمل عدداً لا بأس به من المؤلفات!
(الخميس القادم: قراءة في كتاب الإرادة والتأويل)