تابعت بشغف وإعجاب ما سطره شيخنا «عفا الله عنه « بقلمه الذي لا يبارى، فقد تنهض من مقامه وأسرج خيول فكره، فبدا وكأنه مازال في عنفوانه، وأن السنين لم تنل منه سوى نضارة الشباب، فكتب وأسهب فأبدع في حلقات أشبة بالوثائق التاريخية، أسماها « من الكفر والإباحية إلى عقوبات العدمية «، حملت في طياتها أدلة علمية ورصدا واعيا كان بمثابة التفنيد والرد على كل من أخذته حالة الانبهار بالمادية وخدعه الفكر الفلسفي الذي بنت عليه تلك المجتمعات دولها وحضارتها.
يقول أبو عبدالرحمن بن عقيل: «ترتب على سيادة الإخاء الصهيوني ابتداع دين وضعي أساسه ظاهرة طبيعية في البشر وليس حتمية في حياتهم، وهي شهوانية الإباحية، وشبهات الحسبانية.. بينما غرائز الحق والجمال والخير أكثر. وهداية الشرع والعقل وتعويضات الشرع توازن بين الغرائز وتوجهها للتي هي أقوم، فجعلوا ظاهرة الشهوة الحيوانية والحسبانية الجنونية (وهما ظاهرتان جزئيتان لا حتميتان) حقا طبيعيا بنو عليه الدين الوضعي دستورا وقانونا بنظرية (الحق القانون) ونفذوه بنظرية العقد الاجتماعي الذي فلسفه أمثال (جون جاك رسو)، وبهذا العقد أصبحت السيادة للقانون لا أحد يستطيع الخروج عنه وأصبحت مخالفة القانون جريمة كبرى بإجماع قسري فرضه التصويت غير الصادق على مقتضى العقد الاجتماعي، وأًصبحت الحرية قيمة مع أنها موضوع يحكم فيه القيمة».
ويقول أيضا: «لم يبق لضرورات العقل بعد القانون الطبيعي البهيمي إلا التنظيم الفكري عن طريق السلطة لما هو غير معقول سلوكا ومعتقدا.. وبقي أيضا التنظيم العبقري (حب مرادهم لا حب مراد الله الشرعي) لإدارة الأعمال، وتنظيم الحروب العدوانية، والمراوغة في سياسة لا أخلاق لها، تبيح العدوان ونهب الموارد، وفرض سوق التصدير المجحفة).
ويقول: «الانصراف الكلي من قبل الإخاء اليهودي إلى الإبداع الغريزي في فلسفات الإلحاد والإباحية والحسبانية وفتح الباب على مصراعيه للعدمية، وإبداع مرادفات الرجعية لكل صوت ولو كان مبحوحا يريد أن يهدي إلى فلسفة سوية.» انتهى كلامه.
وأقول: أنظر ماذا فعل الإخاء اليهودي بالنصارى مستغلين تقدم النصارى في العلم المادي، وكثرة عددهم. فجد اليهود في جمع المال والسيطرة على الإعلام، وسعوا إلى ردة النصارى عن دينهم مستغلين التناقض بين الدين والعلم والعقل، فكانت حربهم على الكنيسة، وبهذا حصل التآخي مع فلاسفة النصارى فكانوا صهاينة غير يهود.
إن براهين الله الكونية في الأنفس والآفاق كافية للإيمان بالمغيب، وأن ما جعله الله للبشر في عقولهم ومهارتهم إنما هو لعمارة الأرض وصنع ما ينفع الناس لا ما يضرهم.
إن كثيرا ممن يعتبرون العقل وحده مفصل حياة البشر يغمضون أعينهم ويصمون آذانهم عن الفساد الذي ظهر في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، وهم يشككون الناس في إيمانهم وصفاء شريعتهم مستشهدين بسوء العهود المتأخرة للمسلمين، ومدعومين بمن تلاعبوا بصفاء الشريعة وهم من استحفظوا عليها.
والله المستعان.
Alymni-111@hotmail.com
الرياض